السبت، 19 نوفمبر 2011

الأيام التكوينية للمدرسين بين إهدار الجهد وعدم الفاعلية


بقلم: سعدية بن سالم

ظلّ الحديث عن التكوين البيداغوجي في المؤسسة التربوية في كنف الصمت، إمّا اتقاء لغضب السادة المتفقدين، أو ابتعادا عن شرور سلطة الإشراف، أو إيثارا للسّلامة، والأغلب أنّه اقتناع بأنّ التكوين، ضمن الموسم الدراسي، شرّ لابدّ منه، يستجيب له أغلب المدرّسين استجابة المغلوب على أمره، وقد يدعو إليه كثير من الزملاء المتفقدين دعوة المجبر على استعراض نشاط ما أمام سلطة الإشراف..

 وتثير مسألة التكوين البيداغوجي، عديد الإشكالات المسكوت عنها، ولأنّ المجال لا يسمح بالتطرّق لكلّ ما في هذه المسألة من تشعبات فإنّنا نتناولها في علاقة  الجهد المبذول في إنجازها بالفائدة المترتبة عنها، ونحاول أن نطرق إلى أيّ مدي تستجيب منظومة التكوين كما تحرص على تطبيقها الوزارة منذ عقود إلى الحاجة التربوية البيداغوجية؟ أم هي مجرّد واجب ثقيل يخضع له المدرّس دون رغبة ودون استفادة حقيقية (باعتبار أنّه يقصد حلقات التكوين منذ البداية دون استعداد للاستفادة)،
وحتّى يكون الجميع على بيّنة بما نتحّدث، نذكر ما يتكرّر كلّ سنة، يحصل الأساتذة بداية السّنة عادة على رزنامة الأيّام البيداغوجية التي سيتلقون فيها تكوينا على امتداد الموسم الدراسيّ، وتتوزّع هذه الرزنامة بين أيّام تكوينية نظريّة تتمّ عادة في مراكز التكوين الجهويّة، وبين دروس شاهدة يحضر فيها الزملاء درسا مع زميل ثمّ تقع مناقشة الدّرس من حيث الإجادة والنّقص.. ولئن يبدو للوهلة الأولى أنّ هذا النمط من التكوين الذي اعتدناه حتى أصبح مملاّ لا روح فيه، نمط مقبول نوعا ما لتطوير تجربة المدرّس في القسم وتبادل الخبرات مع البقية لما فيه رقيّ بالعمليّة التعليمية وتجويد لمكتسبات المتعلّمين الذين يلبثون هاجس العملية التربوية الأوّل، فإنّ المتأمّل في هذا النمط من التكوين يتبيّن دون مواربة تآكله مع الزّمن وفقدان البريق مع تقدّم سنوات التدريس، والمقصود بذلك، أنّ المدرّس الّذي تجاوز العقد من الزمن في التدريس والذي حضر من الدروس الشاهدة ما يملأ سنة دراسية كاملة والذي ناقش صعوبات التعلّم في اختصاصه وكرّرها حتّى لم تعد قابلة للنقاش ماذا سيفيد بعد ذلك الزمن من الحضور في دروس شاهدة أو حلقات تكوينية مكرّرة، أليس من الأولى تخصيص تلك الحصص إلى المدرّسين الجدد الذين يحتاجون إلى الخبرة أكثر والذين يواجهون صعوبات في التواصل مع المتعلّمين؟؟ ماذا يفيد مدرّسا من درس شاهد يكرّره في قسمه منذ عشريّة أو عشريّتين... هو يأتي فقط لتسجيل الحضور والخروج؟.. نادرا ما تجد مدرّسا ذا خبرة قادما إلى الدروس الشاهدة بطيب خاطر أو يملك أدنى اقتناع أنّه سيستفيد.. وقد يقول البعض إنّ حضور المدرسين ذوي الخبرة ضروريّ بالنسبة إلى الجدد ليكون التواصل وتمرّ التجربة سلسلة، وهذا قول على وجاهته فيه حيف لأنّ أخذ الخبرة من عنصر "ذي خبرة" لا يتطلّب بالضررة  حضور الجميع، فيكفي أن يقع الاختيار كلّ مرة على عنصر من ذوي الخبرة الطويلة وعنصر ذي خبرة متوسطة لتكون الاستفادة موجّهة وفاعلة وندرك جميعا أنّ القضيّة ليست قضيّة كمّ وإنما قضيةّ فاعلية، ثمّ إنّ الزّملاء المتفقّدين والمرشدين البيداغوجيين موجودون لأجلاء الغموض والرقيّ بالتجربة.. وأعتقد أنّ في كثير من الدعوات لحضور الحلقات التكوينية والدروس الشاهدة إجهادا ومشقّة لا لزوم لهما وكثيرا ما يوترون العلاقة بين المربي والمتفقّد دون نفع. وقد يتهمني البعض أنّي أبحث عن الراحة في اليوم المخصّص للتكوين دون وجه حق، وللحقيقة فالجميع يعلم الحاجة إلى الراحة واسترجاع الأنفاس بعد إجهاد القسم، وضوضاء التلاميذ.. ولكن ليس الأمر على هذه الوجهة وإنما قصدت أساسا مراجعة منظومة التكوين في المدارس والمعاهد الثانوية، لأنّنا إن كنّا مازلنا نعتقد في جدوى هذا النمط من التكوين في هذا العصر فأخشى أنّنا واهمون جدّا..

  إنّ التكوين كما هو اليوم، لا يفرّق بين متربّص، وبين مشرف على التّقاعد، وقد رأينا بشائر البيداغوجية الفارقية في زمن ما تهبّ على المتعلّمين ولم نستنشق عبيرها في التكوين.. بل إنّنا خضعنا إلى حلقات تكوينية طويلة ومرهقة وشاقّة دون إفادة، وكانت مضيعة للوقت بنسب متفاوتة وليس ذلك إلاّ لأنّ المبرمج لم يراع أيّة خصوصيّة في الجمهور المستهدف، وآخذ مثالا على ذلك، ما حدث في حصص التكوين في الإعلامية، فقد نزل برنامج من حيث لا ندري يدعو بل يجبر كلّ الأساتذة على حضور حلقات تكوينية طويلة في الإعلامية دون تمييز بين من له خبرة في المجال وبين الذي لم يضع يده يوما على لوحة حاسوب.. والنتيجة أنّها كانت مفيدة للبعض وإهدارا للجهد والوقت بالنسبة إلى البعض الآخر وكأنّ ذلك الزمن الذي تقضيه مستعرضا لمكونات الحاسوب وكيف تكتب نصّا وتمحو آخر لا حاجة  لك به.. ولا يدلّ ما حدث، ويحدث، إلاّ على ارتجال في التعاطي مع الشأن التكويني وسدّ للفراغ دون موجب..

ولا أستثني، من الشّعور بالاعتباطية الملل، الزملاء المتفقّدين، الذي ينطلقون في سنيهم الأولى في التفقّد بكثير من الاندفاع والأحلام والرغبة في الإضافة، ثمّ يدركون عبثيّة التكرار مع مرور الزمن وتراكم الأعوام.. إذن؟؟ ما الحلّ؟

  ليس من الحكمة ولا من المقبول ولا من المعقول أن نقول بإلغاء التكوين، ولكن، أيّ تكوين؟؟ نحتاج تكوينا، هذه حقيقة ومن ينقطع عن الاكتساب والتعلّم يتراجع ضرورة،ولكن نحتاج تكوينا آخر، تكوينا علميّا يراعي الطبيعة البشرية ويراعي المكتسبات ويثمّن الخبرة الميدانية التي اكتسبها المدرّس بمرور الزمن.. تلك الخبرة التي تلقيها سلطة الإشراف في سلّة المهملات بعد خروج المدرّس إلى التقاعد دون أن تفيد منها شيئا في تطوير منظومتها وتعديل مناهجها وبرامجها..

 إنّ الحلول العمليّة موجودة ولكنّها تحتاج قرارا جريئا ورؤية تراعي المنظومة التربوية وتؤمن بأهميّة العملية التربويّة والتعليميّة للمؤسّسة ولا يمكن أن تخرج إلى حيّز التطبيق إذا لم تعد إلى المدرّس مكانته التي حاولت أطراف كثيرة النيل منها.. ويُحترم كيانه باعتباره إنسانا لا آلة يراد لها العمل دون تفكّر ولا تفكير، أو على الأقلّ أن يعطى بعض حقوق الآلة من التعهّد بالصّيانة دوريّا.. وأعتقد أنّه من الضروري بعد عدد سنوات العمل المتوالية أن يحصل المدرّس على سنة تفرّغ، يبتعد فيها عن القسم ويقيّم تجربته على ضوء ما تقدّم، وأثناء هذه السّنة يعود إلى مقاعد الدراسة والتكوين ولم لا إلى البحث.. فلو خصّصت سلطة الأشراف لكلّ مدرّس سنة تفرّغ بعد كلّ خمس سنوات عمل، وهو اقتراح قابل للزيادة والنقصان، يتلقى فيه تكوينا حول آخر ما وصلت إليه البحوث في علوم التربية وعلم نفس الطفل والمراهق، ويقدّم فيه بحثا ميدانيا متسلّحا بما اكتسبه من خبرة السنوات الماضية ويشارك في وضع تصوّرات حول سبل علاج صعوبات التعليم والتعلّم لكان التكوين أكثر عمقا وأكثر جدوى، ولعاد المدرّس إلى العمل في السّنة الموالية أكثر استعداد للعمل وأكثر قدرة على التفاعل الإيجابي مع المتعلّمين.. أليس من المَعيب في حقّ المنظومة التربوية في بلادنا، والتي انطلقت رائدة في بداياتها، أن لا تفارق البدايات؟ أليس من المعيب في حقّ منظومتنا التربوية التي قادت قاطرة التعليم في الوطن العربي أن تقف اليوم منتظرة نجاح تجارب هنا وأخرى هناك لتقتدي بها..؟  أليس من المعيب أن ينهي المدرّس زمنه الوظيفي دون أن يساهم ببحث ميداني علميّ واحد يقيّم به تجربته وتجربة التعليم في البلاد ويساهم، وهو الأقرب إلى سلوك تلاميذه وقدراتهم الذهنية، في الرقيّ بتلك القدرات ووضع تجربة تعليمية خاصّة تراعي خصوصية التعليم في تونس..؟ أليس من العيب أن نجبر المدرّس على هجر البحث والكتاب منذ التحاقه بوزارة التربية والتعليم؟ وكيف له أن يقبل على البحث والتعلّم وهو الذي يعود من العمل وقد ضجّ رأسه بالبرنامج اليومي، ولا يلبث أن يستردّ النفس حتى يتوجه إلى إعداد دروس الغد؟ كيف لا يهجر الكتاب وهو الذي عليه أن ينسى ما تعلّم من معرفة عالمة ويوجّه كل اهتمامه إلى المعرفة القابلة للتعلّم حتى يكاد ينسى أنّها أجيز في اختصاص علميّ..؟ وشخصيّا لم أستغرب كثيرا تفرّغ أحد الأساتذة الوهّابيّين في "نموذجي صفاقس" إلى التفريق بين الفتيان والفتيات أثناء الدّرس، في رفض لمكسب من مكاسب التعليم في تونس وهو مكسب الاختلاط، فهذا المدرّس ولا شكّ، لم يتعهّد معارفه بالصيانة منذ غادر مقاعد الجامعة، وهو في قطيعة مع كلّ جديد في علوم النفس والاجتماع وعلوم التربية، والعقل، شأن الطبيعة يأبى الفراغ، فإذا لم يطلب العلم طلب التفاهة وعشش فيه العنكبوت..

  إنّ منظومة التكوين في البلاد اليوم تحتاج إلى طرح جديّ يستأصل الحلول الارتجاليّة، وإنّ ما يُخصّص لحلقات التكوين التي لا تقدّم ولا تؤخّر يمكن أن يخصّص لتكوين يخضع إلى برامج علمية حقيقية تضيف لبنة جديدة للتعليم في تونس وتمنح مهنة التدريس مذاقا يخفّف مشقّتها.. وإذا كان لابدّ من تلك الدروس الشاهدة والحلقات التكوينية المكرّرة فلتُخصَّص للمتربصين والذين يقلّ عدد سنوات عملهم على الخمس سنوات، وهؤلاء عددهم ليس قليلا.. ولتضبط برامج سنوية للبقية تحقّق فعلا النجاعة وتصيب الأهداف.

المقاييس التي تعتمد في ترتيب المدرسين المعنيين بالزيادة عن الحاجة وطريقة التنفيل



المقاييس التي تعتمد في ترتيب المدرسين المعنيين بالزيادة عن الحاجة وطريقة التنفيل :
1-    الأقدمية :
أ‌-     الأقدمية العامة بالتعليم الثانوي : نقطة واحدة عن كل سنة دراسية (مهما كان تاريخ المباشرة سنة الانتداب)
ب‌-   الأقدمية بالمؤسسة : نقطة واحدة عن كل سنة دراسية مهما كان تاريخ المباشرة بها.
ملاحظة : المدة التي قضاها المدرس بحالة عدم مباشرة أو في رخصة بدون أجر لا تؤخذ بعين الاعتبار في الأقدمية باستثناء عدم المباشرة الخاصة التي نص عليها الفصل 71 من القانون عدد 112 لسنة 1983.
2-      الشهائد العلمية :
-       البكالوريا فقط : لا شيء
-       البكالوريا + سنة تعليم عال بنجاح في الاختصاص : 2
-       البكالوريا + سنتين تعليم عال بنجاح في الاختصاص : 4
-       البكالوريا +ثلاث سنوات تعليم عال بنجاح في الاختصاص : 6
-       البكالوريا + أربع سنوات تعليم عال بنجاح في الاختصاص : 8 (الأستاذية أو ما يعادلها)
-       البكالوريا + خمس سنوات تعليم عال بنجاح في الاختصاص : 10
-       البكالوريا + ست سنوات تعليم عال بنجاح في الاختصاص : 12
ملاحظات:
أ‌-                    يعتبر الأستاذ المبرز محرزا على البكالوريا + 6 سنوات تعليم عال بنجاج
-       يعتبر المهندس الأول محرزا البكالوريا + 6 سنوات تعليم عال بنجاج
-       يعتبر مهندس الأشغال محرزا البكالوريا + 4 سنوات تعليم عال بنجاح
-       يعتبر خريجو مدرسة ترشيح الأساتذة المساعدين محرزين البكالوريا + سنتين
ب‌-  إذا كانت الشهائد المحرزة ليست في اختصاص مادة التدريس يتم التنفيل بنصف النقاط الراجعة إلى الصنف الذي ينتمي إليه المدرس.
3-      الرتبة :
معلم تعليم ثانوي : نقطة واحدة
أستاذ تعليم ثانوي مرحلة أولى : نقطتان
أستاذ تعليم ثانوي : 3 نقاط
أستاذ أول : 4 نقاط
أستاذ مبرز : 6 نقاط
أستاذ معاون صنف "ب" : 1.5 (نقطة ونصف)
أستاذ معاون صنف " أ ": 2.5 (نقطتان ونصف)
4-      الحالة العائلية :
-       أعزب : دون تنفيل
-       متزوج : 4 نقاط
-       الأبناء : نقطة واحدة عن كل طفل (تسند أربع نقاط كحد أقصى)
5-     تدريس الاقسام النهائية
تنفيل مدرسي الأقسام النهائية بـ 10 نقاط

المصدر

الأحد، 13 نوفمبر 2011

ثورة على منوال الثورة الحاجة إلى قراءة الوضع النقابي في قطاع التعليم الثانوي اليوم


المقاربة المزمع طرحها في هذه الورقة تمثّل قراءة عامة لما أصبح عليه الوضع النقابي في قطاع التعليم الثانوي تحديدا. وقد يساعد وضعنا الاستثنائي الذي نعيشه على توسيع نطاق أيّ قراءة لتكون باعثة على السؤال والبحث. هذا الوضع الذي نروم في ضوئه استعادة العديد من الخصال والمواقف البنّاءة لم يترك النظام السابق أيّ وسيلة أو أسلوب لتدجينه وإحكام غلق المنافذ عليه، ساعده في ذلك العديد من النفوس الانتهازية ذات النزعة الوصولية داخل المنظّمة الشغيلة، بحيث لم تعمل إلاّ على التلاعب بالعديد من المسائل المصيرية في الاختيارات التربوية والمهنية للأساتذة، وذلك هو موطن الداء الذي أصاب نقابة التعليم الثانوي وسبّب ضعفها ووهنها. لا أحد ينكر أنّ الوهن الذي أصاب منظّمتنا العريقة في السنوات الأخيرة، والانشقاقات التي اخترقتها في العديد من المناسبات إنّما هو من الورقات التي كان النظام السابق مراهنا عليها ونجح في مرات عديدة في الاستفادة منها، ولا أحد ينكر أيضا كيف أصبحت المصالح الشخصية وحتى بعض الأهداف السياسية الخفية مهيمنة على الخيارات والمواقف النقابية لقطاعنا، وهذا ما جعل من الأزمات المتتالية تعصف بهذا القطاع إلى حدّ تحوّلت فيه بعض الهيئات النقابية إلى سلطة موازية ومعاضدة أحيانا للسلطة الحاكمة، بل إنّ هناك من الأطراف النقابية من تهيّأ له أنّه في موقع الحاكم بأمره عندما عرف كيف يقفز على الأحداث، ويحوّلها إلى عناصر استئثار بالتصرّف والتحكّم، وما تصرّفات هذه الأطراف في وسائل الإعلام وفي المقرّات النقابية في الفترة الحرجة التي مرّت بها البلاد بعد 14 جانفي إلاّ من بين الدلائل المبرهنة على نهجهم في استغلال الفرص لحسابهم. لا يبتغي هذا الطرح في الحقيقة محاسبتهم أو مساءلتهم على الأقلّ في الوقت الحالي، بل إنّه يرمي فقط إلى التنبيه لبعض العناصر التي تساعد على فهم ما حدث لقطاعنا تحت “سلطة” هؤلاء، وتمكّن من رصد بعض الملامح التي نقدّر أنّها قد تحدث وقد تكون من الأوراق التي سيلجأ إليها هؤلاء في ظلّ الوضع الجديد للبلاد بعد انتخابات 23 أكتوبر2011. لهذا يُعْتَبَرُ الوضع الذي يواجهه العديد من النقابيين “المخضرمين” اليوم غير مألوف، طالما أنّهم اختاروا أن يكونوا في مفترق من السبل ولم يختاروا في بداية الثورة التونسية وإلى حدود 23 أكتوبر السبيل الأصلي الذي يفترض بهم أن ينتهجوه وأن يلتزموا بثوابته ومبادئه الأصيلة. كما أنّهم طرحوا على أنفسهم عدم التفريط في “امتيازاتهم” التي خوّلتها مواقعهم النقابية قبل الحصول على مواقع تمنحهم امتيازات أفضل لو ابتسم لهم الحظّ في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي(“حزب العمل” والفتاوى التي طالعتنا بها بعض الوجوه النقابية المدّعية أنّها تخدم المصلحة الوطنية وأنّه لا تَعَارُض بين نشاطها الحزبي ونشاطها النقابي، مع أنّ هذا التعارض يصبح موجودا لو تعلّق الأمر بغيرهم ممّن ينشطون في حزب يعادونه، فهل من المعقول أن تدافع هذه الوجوه على مصالح القطاع لو حازت مواقع في سلطة الإشراف؟ ولن نبحث بعيدا ما دامت الأمثلة على ذلك متوفّرة من خلال بعض النقابيين الذين تولوا إدارة بعض المعاهد الثانوية…). لكن بالتوازي مع هذا المنحدر الذي أوقعنا فيه بعض ّالمتزعّمين” النقابيين، هناك وضع جديد مطروح على نقابة التعليم الثانوي بقطع النظر عمّن كان يمثّلها ومن يزعم أنّه مازال ممثّلا لها، مع أنّه سقط في مغالطات شنيعة بسبب إدخال الحسابات السياسية الضيّقة والخيارات الايديولوجية المغلقة. ونعني بهذا الوضع المستجدّات السياسية والمتغيّرات الطارئة التي تحملنا على إعادة النظر في العمل النقابي والتفكير مليا في التحدّيات التي ينبغي علينا رفعها ليس فقط في الميدان المهني والمطالب الاجتماعية، وإنّما في ما يرتبط بالمنظومة التربوية ككلّ وبرامج التعليم وأساليب التدريس. فهمّنا لا ينحصر في الاجتماعي كما أوهمنا بذلك من ادّعوا أنّهم يفهمون كلّ شيء ولا وجود لمن يفهم معهم. ما انفكّ هؤلاء يوهمون القاعدة الأستاذية أنّهم لم يفهموا قواعد اللعبة، وليست لهم دراية بالكيفية التي يجب التصرّف وفقها، فلا نستغرب بعد ذلك أن كانت أغلب القرارات والإجراءات المتّخذة مسقطة على القاعدة الأستاذية التي بدت أبرز متغيّب عن المشاركة في القرار. كان “النقابيون” يعرفون كلّ شيء ويبيحون لأنفسهم عمل كلّ شيء، أمّا القاعدة الأستاذية فهي مطالبة بالانصياع والتنفيذ حتى تتجنّب الاتّهامات التي لم يتوان بعض الأطراف النقابية عن ترويجها ومحاصرة من لا يرضون بها.
وإذا أردنا طرح ملف العمل النقابي اليوم في ما يخصّ قطاع التعليم الثانوي على وجه التحديد، فلا بدّ من تجنّب الدخول في هذا المفترق المذكور حتى نفوّت على هؤلاء الذين وجدوا أنفسهم فيه طرفا،التحكّم في المشهد الجديد أو المشاركة في نحته على نحو يغيّب مرّة أخرى القاعدة الأستاذية الواسعة من دائرة الاختيار وصنع القرار. ملفّ العمل النقابي في قطاع التعليم الثانوي ثقيل بالتجاوزات والخروق ويحوي رواسب لا تبدو مفصولة عن إرث النظام السابق. لقد كان واضحا لدى أغلب القاعدة الأستاذية أنّ بعض الأطراف النقابية الحالية كانت تروّج لشعار من ليس معهم يعدّ خائنا لمبادئ العمل النقابي، من لا يوافقهم الرأي والقرار يتّهم بانحيازه للنظام أو يروّج بشأنه الشكوك حول عمالته وتواطئه، هو تقريبا الاتّهام نفسه الذي يتهدّد كلّ من يريدون وصفه بكونه ضدّ النظام، لقد كانت أطراف نقابية تقوم بالممارسة نفسها التي كان يمارسها النظام السابق، من كان على تصوّر أو موقف يتعارض مع مصلحة بن علي وعائلته وأصهاره يعدّ معارضا للنظام ومُدَان سياسيا، كذلك الأمر لمن لا يوافق كاتب عام النقابة أو أحد الممثّلين النقابيين أو عضوا من الأعضاء الجهويين…كان يعتبر معارضا للعمل النقابي ومُدَانٌا بالعرف النقّابي. لا مجال للاختلاف مع هؤلاء، بل ينبغي موافقتهم والامتثال لقراراتهم ومناوراتهم الداخلية وحساباتهم الشخصية وتوازناتهم …ما كان سائدا في المشهد النقابي لقطاع التعليم الثانوي لم يكن مختلفا عمّا كان سائدا في الواقع السياسي. كانت نقابة التعليم الثانوي أشبه”بوزارة” أو قسم في وزارة الإشراف تقوم بتصريف شؤون عامّة وخاصة، تابعة لسلطة الحكم أو لسلطة الأفراد، فهي تزكّي الموالين لـ”زعمائها” وتدافع عمّن يمثّل بوق دعاية لهم وتمكّن من تلبية نقل أساتذة دون غيرهم وتتولى الدفاع عن ملفات أطراف دون سواهم، و… وكلّ ذلك من جرّاء الاستعاضة عن المصالح الحقيقية للقطاع بمصالح شخصية ونخبوية. ولو بادرنا اليوم وفي هذه الفترة بالذات، أي بعد نتائج الانتخابات للمجلس الوطني التأسيسي، إلى طرح السؤال نفسه على أساتذة التعليم الثانوي: هل عندكم ثقة في أعضاء نقابة التعليم الثانوي؟ ستكون الإجابة سلبية تماما، وما عريضة سحب الثقة من أعضاء النقابة الجهوية بجهة صفاقس التي تتنقّل بين صفوف الأساتذة هذه الأيام إلاّ أحد الأدلّة على ذلك. وما زاد من تعمّق أزمة الثقة هذه هو التجاوزات التي حصلت في مفتتح السنة الدراسية من هؤلاء النقابيين ذاتهم، سواء في حقّ من يفترض أنهم يدافعون عنهم، أي الأساتذة الذين لم يقع إنصافهم نقابيا، أو في حقّ أطراف تربوية مشهود لهم بالكفاءة فرض نقابة التعليم الثانوي لَفْظَهُم دون تقدير مسبق للوضع التربوي، وليس ذلك ما يهمّ مقارنة بما تخفّى خلفه من دخول في لعبة المقايضة مع سلطة الإشراف، وما تعيين العديد من النقابيين للإشراف على المؤسّسات التربوية دون أدنى تكوين أو خبرة في المجال، إلى جانب مضامين المناظرة التي لم تخل من ريب وشبهات رَوَاهَا العديد ممّن دخل هذه المناظرة، إلاّ برهنة على هذا التوجّه التقليدي في سلوك العديد من الأعضاء( واللافت للانتباه أنّ هناك منهم من بقي لعدّة أيّام يتجوّل في أروقة المندوبية الجهوية للتربية وبيده قطع صغيرة من الأوراق متضمّنة لشؤون يعمل على قضائها بطرقه الخاصّة أمام مرأى الجميع طالما أنّ الجلسات الرسمية لا تفي بقضائها) هذا دون أنّ نتوسّع في الحديث عن نزوع هؤلاء نحو الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من النفوذ: فهناك من تمّ تعيينه مديرا ويريد الاحتفاظ بـ”مركزه” النقابي في الآن نفسه، وهناك من دخل معترك الحملة الانتخابية طامعا في حيازة موقع في الحكومة الجديدة دون أن يفرّط في “تزعّمه” النقابي حتى تكشف الانتخابات عن نتائجها، فإن تحقّق له ما أراد ترك العمل النقابي، وإن فشل في ذلك رجع إلى حيث كان. والأدهى من كلّ ذلك، أن يُزَيََّن لبعض من شغل موقعا في الحكومة المؤقّتة وسلطة الإشراف، الطمع في قيادة هذه المنظّمة العريقة، فكانت الخطوة الفاضحة هي التذكير بنضالاته التي لا يشقّ لها غبار. أمّا الخطوة الخفية، وإن كانت لم تخف على العديدين، فهو الانسجام والتناغم الذي حصل بين سلطة الإشراف ونقابة التعليم الثانوي منذ أشهر، حتّى أنّنا لم نعد نسمع لها صوتا ولا نرى لها حراكا إلاّ في مجال التعيين والتكليف. يبدو أنّ الحسابات الخاصّة طغت على العمل النقابي، فضاعت فيها المبادئ الأصيلة واختفت من الممارسة النقابية خصال الصدق والثبات على الموقف والعمل من أجل أهداف الطبقة الشغيلة. لقد أصبحت نقابة التعليم الثانوي بالنسبة إلى بعض الأطراف الموقع الأمثل لخدمة أهداف غير نقابية وتلبية مصالح أفقرت الحسّ النقابي وتسبّبت في عزوف القاعدة الأستاذية عن هذه المنظّمة التي كانت تمثّل متنفّسا لهمومهم وملاذا لمشاكلهم، لقد كانت تجمعهم وتلمّ شملهم، غير أنّها اليوم أصبحت سببا لفرقتهم ومصدرا للعديد من مشاكلهم. لا نسعى في هذا السياق إلى فضح الممارسات الضالّة والمخلّة بنبل العمل النقابي لأنّ ذلك يحتاج إلى توثيق ومستندات لا يسعها هذا الخطاب، لكن نسعى إلى توجيه نداء لكلّ القاعدة الأستاذية، وإلى كلّ الغيورين على منظّمتهم العريقة كي يعملوا على استعادة ما سُلِب منهم وردّ الاعتبار للقطاع على نحو يستأنف فيه العمل بما يخدم أهداف التعليم الثانوي. نريد القيام بحملة تطهير لمنظّمتنا وإخلائها من التوجّهات الانتهازية والوصولية، نريد تحرير نقابة التعليم الثانوي من مغتصبيها الذين آلوا على أنفسهم الهيمنة عليها مدى الحياة، ولا حاجة لي كي أذكّركم بأنّ عهد الترهيب والمخادعة والاستحواذ على الخطاب النقابي قد ولّى، ومن شأن القاعدة الأستاذية اليوم أن تقول لا بأعلى صوتها لهؤلاء المتلاعبين بالقطاع التربوي ومن حقّ القاعدة الأستاذية أن تصنع ربيعها النقابي كما صنع الشعب التونسي ربيعها السياسي اليوم. عاش الاتحاد العام التونسي للشغل، عاشت نقابة التعليم الثانوي موحّدة ومناضلة من أجل إنجاح العمل التربوي. عاشت تونس حرّة على الدوام.
أبو محمد

المصدر

الأربعاء، 2 نوفمبر 2011

إلى كل معلم ومعلمة : (( تفنن ))


 أ. محمد اللحيدان

:: إهداء ::

إليك ..
يا مربي الأجيال ..
يا صانع العباقرة..
يا معلم الخير ..
يا شمعة الأمل ..
يا قنديل الضياء ..

(( تــَـــفـَـــنـّـنْ ))

أ. محمد اللحيدان
 


(( تفنن ))
دخل صاحبنا الفصل وبدأ بكتابة درسه ..
وكان أول ماكتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ..
يقول: وقد حاولت أن أتفنن في الكتابة والخط حتى لو أتعبني ذلك أو أخرني أو أحرجني ..
وبينما هو يكتب إذ بأحد الطلاب يقول :
يا أستاذ لا تتفنن .. فكله سيمسح بعد قليل ..!!
فوقعت موقعها في نفسه ..
فماذا لو أنه قال :
أحسنت .. ومادام أنه سيمسح فلما التعب ..
ومادام أن الشرح سيقرأ فلم الكتابة أصلا ..
ولم رفع الصوت وخفضه ومده وقصره !!
إلا أنه قبل أن يرد على تلميذه أو يتفوه بكلمة .. أخذ يفكر ..
ويتأمل في كلامه .. دون أن يشعر أحد ..
ثم أكمل كتابة الدرس ..
ولما انتهى من كتابته وتوجه بوجهه إلى طلابه وأراد البداية في الدرس .. قال:
قد قلت يافلان : لاتتفنن !! فسوف يمسح كله !!
عزيزي وياقرة عيني وفلذة كبدي وثمرة فؤادي :
طالما أن بمقدورك أن تتفنن فتفنن ..
وطالما أن بمقدورك الإبداع فأبدع ..
وطالما أن تستطيع البذل والعطاء فابذل وأعطِ ..
وطالما أن بقدرتك أن تستخرج الدر والياقوت .. فاستخرجها ..
لأنك كاتب كاتب لا محالة فلمَ تكتب الشين وأنت تقدر على الزين !!
تفنن ولا ترض بالدون ..
ألا ترى لاعب الكرة يجد المرمى فارغا .. ولا يرسل الكرة إليه . . !!
بل يروح ويجيء .. ويسحب بهذا .. ويجر ذاك ..
حتى إذا مااستعرض مالديه واستفرغ وسعه وطاقته .. أرسلها هدفا ..
و ودَّ لو أنه أطال في تفننه واستعراضه أكثر وأكثر ..
فتجد الفرحة تغمره وتعلوه وتلفه من كل جهة حتى يكاد يطير ..
والشاعر العربي يقول :
ولم أر في عيوب الناس عيبا **** كنقص القادرين على التمام
وينتقل الكلام الآن من التلميذ إلى معلم التلميذ وأستاذه ومربيه ..
أنت يا صاحب الخلق والأدب .. قدوتنا .. ومعلمنا ..
قد رأينا منك ما ساءنا وأقلقنا .. ولاندري أنصدق أنفسنا أم نصدقك ..
لكن لك الأمر بعد قراءة هذا الكلام أن تحكم أنت علينا وعلى نفسك ..
أي واحد منا قصر في حق الآخر ..

نرى بعض المعلمين يأتي وكأنه مغصوبٌ على عمله ..!!
فربما بحث عن عمل ولم يجد فجاء هنا بلا رغبة ولا دافع وكأنه يحس بأنه راحل عنا لا محالة ..
ويشعر بأن وجوده مؤقت فلا داعي للتعب والإرهاق ...
فلا شرحَ واف ٍ ولا أقلامَ ولا حتى ابتسامة معنا ولا توددَ إلينا ..
حتى مصلحة طلابه لاتهمه .. ودرجاتهم لا تعنيه ..
أهم ما يهمه متى ينزل الراتب ..
وأقلق ما يقلقه حضور طابور .. أو تحضير درس ... أو إبداع في شرح .. أو حتى تعدد الألوان للتوضيح ..
وأزعج ما يزعجه قولك له قد قصرت أو ليتك فعلت كذا وقمت بكذا ..
لأنه كما عرفنا يعتبر نفسه في قطار سيصل بعد قليل !!
أو تحت ظل شجرة ستغرب عنها الشمس ..
ولو فكر قليلا .. وتذكر التعب والنصب والإعياء والإرهاق الذي يلحقه عقب كل درس ونهاية كل يوم لعلم أنه خاسر فيما مضى !!
مغبون في عمله .. !! قد ضاع تعبه سدى !! وذهب جهده هوى .. !!
فاستحضر النية جعلت فداك وتذكر أنه كما تدين تدان :
فكما تبذل لأبناء المسلمين فسيأتي من يبذل لأبنائك ..
وكما تحمل همهم فسيأتي من يحمل هم أبنائك ..
وكما مددت يدك البيضاء إليهم رحمة وشفقة وحنانا وحرصا وحبا وتضحية فثق تمام الثقة أن أياد ٍ بيضاء ستمدد وفاءً وشكرا ً إلى أبنائك وليست يدا ً واحدة ..
والله لايضيع أجر المحسنين ..
فكن منهم وأنت بإذن الله منهم..
ثم تذكر لأجل من تعمل ؟ ولرضى من تبذل ؟

لحظة :
التدريس مهنة ُ شرف ٍ ولكنها شاقة ٌ جدا ويعرف ذلك من جربها ..
فلنحتسب هذا التعب عند الله .. ولنجدد النية .. ولنعقد العزم على (( التفنن )) والكمال في كل شيء . . .

(( أسابيع محدودة ...
وأيام معدودة ))

أسابيع محدودة .. وأيام معدودة !!
وتأتي بعدها الإجازة ..
(( أكثر من ثلاثة أشهر ))
كلها فراق ..
فزارع ُ خير ٍ سيبقى في ذاكرتهم ..
فيرددون من غير شعور:
(( حبك يسري فينا مسرى الماء في الأغصان )) اللهم احفظه ووفقه وسدده ...
وزارع ُ شر ٍ و باذر ُ شوك ٍ سيجني الدعاء َ عليه لا له !!
فيرددون وهم يشعرون :
(( اللهم باعد بيننا وبينه كما باعدت بين المشرق والمغرب )) (( كرهك يشتـعل في عروقنا اشتعال النار في الأعواد ..!! ))

أيها الأحباب الكرام:
هلا عقدنا العزم وحملنا الهم ..
وشحذنا الهمة لنبلغ القمة .
فليس من المنطق ولا العقل ولا الطبع ولا النظر الصحيح أن يمر بنا عام ٌ كامل ولا نتغير ولا نغير في طلابنا شيئا.
نريد عملا وجهدا وتضحية ..
نريد بذلا وإخلاصا وتزكية ..
نريد رحمة ً وشفقة ً وصلة ..
((نريد نشاطا وبرامجا وأفكارا وتكاتفا وتعاونا )) لا تقل ليس بوسعي !
ولست مكلفا ً بكل هذا !
ولست مسؤولا عنهم !
بل بوسعك هذا وأكثر ..
ونحن قوم تعودنا على :
الدعة والسكون ..
والراحة والخمول ..
والكسل والجمود ..
واتخذنا من قولهم : (( سكن تسلم )) : منهاجا ًوشرعة ً وسلوكا ً ..
فبئس الصنيع !!

أمانة بين أيدينا أهملناها وضيعناها وبخلنا في نصحها وتناسينا حقها !!
فليضع كل واحد منا نفسه مكان هذا الطالب وليقلل من عمره وليصغر عقله شييئا يسيرا ثم لينظر ماذا يتمنى؟ وما الذي يحتاجه ؟ ويفكر فيه ؟ وماذا يحب ؟ وكيف يمكن احتواؤه ؟ عندها سيسهل كل شيء ..

المعلم ليس آلة ً تشرح الدرس وتذهب ..!!
وليس جمادا ً بلا مشاعر ولا أحاسيس ..
بل هو قدوة وأسوة ..
هو أخ وأب وصديق ..

لسان حالهم يقول :
أستاذنا لا نريد منك شرحا ً ودرسا ً بقدر ما نريد ضحكة ً منك ودعابة ً وقصة ...
ثم تذكر أن التوفيق بيد الله فما عليك إلا تبذل وتعمل واسأل الله الإعانة والبركة ..
وتذكر أيضا أن راتبك رزق من الله أولا ثم سببه هؤلاء المساكين ..
فخطط من الآن ورتب عملك ووقتك وفكر جيدا واكتب ما يخطر ببالك ودوّن ما يدور في خلدك ..
وتوكل على الله .. وأبشر بخير ..

وفقك الله وسدد خطاك .. وأيدك ورعاك .. وحفظك وحماك ..
وجعل الجنة مثوانا ومثواك ..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وكتبه : أ. محمد اللحيدان .
Alluhedan@Gmail.com

[[ الابتسامة أقل كلفة من الكهرباء وأكثر إشراقا منها ]] .. بوركتم .. 


المصدر

التخطيط \"الإستراتيجي\" للنجاح في العام الدراسي

ينتهي امتحان ويأتي آخر..امتحانات شهرية، ونصف سنوية ونهائية، وتنعقد في منازلنا \"المعسكرات المغلقة\"، وتكثر \"المراسيم\" التي تحدد \"المحظورات والممنوعات\"، فتوتر الأعصاب، وتكثر المشاجرات، وتُستدَعي عبرات، وتسال دموع، ويرتفع الضغط، ويزداد القلق لدي الجميع .. الأبناء والأباء والأمهات (لعل العبء الأكبر والمسؤوليات الجسام تقع علي عاتقهن). ثم تأتي الإجازة الصيفية فتهدأ فيها النفوس قليلاً ريثما تستعد لعام دراسي جديد. فكيف نتخلص من هذا القلق أيام الامتحانات، ونحافظ علي\"الأمن النفسي الأسري\"؟. وكيف نُخطط ـ \"استراتيجيا\" ًـ لتفوق أبناءنا دراسياً؟.
القلق والتوتر من المشاعر الإنسانية الفطرية التي تحمي وتحفظ علي النفوس أمنها في مواجهة ما قد يعترضها من المخاوف وأسبابها. بيد أن هذه المشاعر ينبغي أن تكون معتدلة، بلا تفريط ولا إفراط، يشل علينا تفكيرنا، ويعيق إدارة أمور حياتنا، فنحقق فيها ما نصبو إليه من آمال كتفوق أولادنا، واكتمال نموهم المعرفي والنفسي والاجتماعي، وتحقيق ذواتهم، وعلو كعبهم، وإرتفاع درجاتهم. 

لذا فليكن الاهتمام ـ منذ بداية العام الدراسي الجديد ـ بنمط حياتنا ليصبح نمطاً معتدلا ومتوازنا، وبخاصة الاهتمام الكافي بتغذية سليمة وصحية ومتكاملة للأبناء، لينمو بنيانهم الجسماني سليماً معافاً.. فـ\"العقل السليم في الجسم السليم\". مع عدم إهمال وجبة الإفطار قبل ذهابهم للمدرسة، وحاجتهم لساعات نوم كافية (لا تقل عن 8 ساعات يومياً). وخلال يومهم ليس ثمة إفراط في المنبهات كالقهوة والشاي والكاكاو والشوكولاته، لما تحويه من مادة \"الكافيين\" التي عند الإفراط في تناولها يحدث التعود عليها، ومن ثم التوتر والصداع والقلق والإرهاق، فيتأثر الإنجاز الدراسي والتحصيل العلمي.
ومن المعلوم أن للتعلم والتذكر خطوات منها: استقبال واستيعاب المعلومات، وتخزينها وتبويبها وتراكمها وتحليلها بالذاكرة، ومن ثم استدعائها وقت الحاجة/ الامتحانات. وينبغي ربط تلك العلمية بغايات وطموحات وأهداف واضحة في التفوق والإنجاز، ومداومة تذكرها.
وللاستذكار أنواع: استذكار ناقص لم يستكمل أصولَه، فإذا اختُبِر الطالبُ بعده مباشرة فقد يعجز عن استرجاع المعلومات. وآخر مناسب يمكن للطالب بعده أن يسترجع المعلومات استرجاعاً صحيحاً. وثالث كافي وتستمر حتى بعد استرجاع المادة، وهذه أبعد غوراً، وأصلب عُوداً، وأقلُّ تأثُّراً بعوامل النسيان.
إن النسيان، والشرود، والمَلل.. مشكلاتٌ تعُيق عملية الإستذكار الصحيحة، وتتسبب في تدني التحصيل والفهم. فالنسيان هو فقدانٌ طبيعيٌّ، جزئيٌّ أو كليٌّ، مؤقتٌ أو دائمٌ، لما اكتسبناه من ذكريات ومهارات حركية. وهو أنواع: نسيان طبيعي، وشخصي (كربط عملية استذكار بعض المواد بأحداث سلبية مؤلمة, فيجب استيضاح الأمر وفك عملية \"الإشتراط\" تلك للقضاء عليها)، وآخر مرضي (ناتج عن صدمة دماغية أو انفعالية. 

كما أن أسبابه متعددة منها: مرور الزمن، فالأيام الأول عقب عملية الأستيعاب تكون فيها درجة التذكر عالية، ثم يقل تدريجياُ مع مرور الوقت. لذا ينبغي مراجعة الموضوع بعد قراءته مباشرة، وتدور هذه المراجعة حول: استعراض أهم النقط أو الأفكار الأساسية، وملاحظة الترتيب والترابط المنطقي بين الأفكار، ومراجعة الموضوع بعد الاستيقاظ من النوم، أو قبل البدء بالمذاكرة الجديدة، وفي أحايينٍ متقاربة، ومناقشة المعلومات مع النفس أو مع الغير مناقشةً علميةً نقديةً. كما ينبغي استخدام/ استحضار المعلومات المكتسبة باستمرار؛ لترسِّيخها في الذهن، وجعلها مستعصيةً على النسيان. مع عمل ملخصات للمادة الدراسية حتى تسهل عملية المراجعة تلك. ولعل العادات والمهارات الحركية والاتجاهات والمبادئ والأفكار أعصى على النسيان من المحفوظات اللفظية.
لاشك يتوقف مدى ما يستوعبه المرء على طريقة تعلمه. فعندما تُقدم المعلومات (الدراسية) بطرقة مُـحببة ومُبهرة وشائقة، وضمن دوائر اهتمام أبناءنا الحقيقة أو حتى المُستحدثة، يسهل استقبالها واستيعابها، ولا تكثر الشكوى من سرعة نسيانها وضعف تذكرها، وعدم القدرة علي استرجاعها، أو استرجاعها مبتورة غير مترابطة. فينبغي الرفق وتشجيع الأولاد ليذاكروا دروسهم بطرائق مُحببة لديهم، دون إجبار أو قسر، فالقلق يبدأ عندما ينسي أبناءنا ما يحبونه، وليس ما يفعلونه عن غير حب أو اهتمام أو شغف.

ينبغي إشاعة الحوار الأسري ومداومته، ومناقشة ماقد يعترض السبيل الدراسي المدرسي/ أو الجامعي، وبذل الجهد لتذليلها، مع التوجيه الهادئ. إن التشارك في الوعي بأحوال الدراسة والأصدقاء له كبير الأثر في التفوق الدراسي لأبنائنا. 
يحسن متابعته الأولاد في علومهم، ومساعدتهم في التخطيط لأعداد جداول استذكارهم، حيث تتنوع المواد التي يتم تناولها في اليوم الواحد. وعليهم التحرك لأخذ راحة بين كل فترة استذكار وأخري، وتأدية بعض الأعمال الأخري لمدة قصيرة، ومن ثم العودة وشحذ الأهتمام للمذاكرة في مادة أخرى.
يأتي تحديد ما سيتم استذكاره، ثم قراءته قراءة سريعة للإلمام الكلي، وتحديد الأفكار الرئيسية والفرعية وكتابتها، ووضع خطوط تحت التعريفات والمصطلحات والكلمات المهمة \" Key words”، ثم التركيز والقراءة الجيدة للموضوع وللأفكار بنوعيها، وإعادة القراءة للفقرات الصعبة. ثم اختبار الاستيعاب والفهم والتلخيص بالأسلوب الخاص والجداول والرسومات الإيضاحية، ووضع الأسئلة عن كل فقرة والإجابة عنها، ومن ثم تكرار الاسترجاع لها. وينبغي استخدام أكثر من حاسة من حواس الطالب في المذاكرة والاستيعاب، فالقراءة بالعين، بينما اليد تكتب وتخطط بألوان متعددة، ويأتي الترديد باللسان لتسمع الإذن، وليعي العقل.
لا ننسي العطف والتشجيع المتواصل، لكن دون تدليل. فلا ينبغي للأمهات أن تجلسن إلي جانب أبنائهن في كل صغيرة وكبيرة من دروسهم، ويقمن بعمل الفروض الدراسية نيابة عنهم، فذلك يؤثر سلباً علي ثقتهم بأنفسهم، وعلي تحصيلهم العلمي. 

وينبغي علي الأبناء (وبمساعدة الآباء) البعد عن المشتتات أو التفكير في المشكلات العائلية والعاطفية والاجتماعية، وفي المستقبل واحتمالات النجاح والرسوب، وأحلام اليقظة مما يُعد شروداً (يكثر في الشهور الأخيرة التي تسبق الامتحانات؛ وهناك علاقة ارتباطية موجبة بين القلق والشرود). لكن كيف يتجنب الطلابُ الشرود الذي يحيل تفكيرهم من الموضوع الأساس الهامِّ الذي يتم الاستغراق فيه إلى موضوع آخر جانبي أقل أهمية فيضيع وقتهم؟. ينبغي علي الوالدين توفير جو أسري هادئ خال مما قد يشوش علي الأبناء استذكارهم. الجِدُّ والاجتهاد واختيار المواد الدراسية التي تساعد في التركيز، وإتباع الطرقً المناسبةً في استذكار كل مادة على حسب طبيعتها، واستصحاب نشاطٌ ما يتم القيام به (كوضع خطوط تحت الأفكار الرئيسة، أو تلخيص بعض الأفكار بلغتك الخاصة، أو كتابة القانون أو القاعدة التي يراد حفظها مرة أو مرتين، أو تدوين بعض الملاحظات في الهوامش)، والفصِلَ بين المادة ومن يقوم عليها من أشخاص قد لا يروقون للطلاب. وعدم الانشغال- خاصة في مرحلة المراهقة - بأمور أخرى، كالتفكير في الجنس الآخر مثلاً..

كما يجب محاربة الملل والرتابة والتكرار والتنميط، وكل المسببات الجسمانية التي قد تعيق التركيز والحيوية لدي أبناءنا الطلاب. فينبغي تقوية الدافع، ووضوح الهدف، والثقة بالنفس، والصبر والمثابرة، واتباع أساليب المذاكرة الصحيحة، والقراءة عن فهم، والتنويع في المذاكرة؛ لتنشيط الذهن، ومراجعة الدروس مع الزملاء، والراحة بعد كل وقت مذاكرة، وتغيير مكان المذاكرة بين وقت وآخر، ومراعاة ملائمة مكان الاستذكار ومناسبته من حيث الإضاءة والتهوية الجيدة، وتوفير الوسائل المريحة والمساعدة علي حسن الدرس (لكن الاستذكار في السرير لا شك يجلب النوم)، ومتابعة الترفيه عن النفس.
إن الاهتمام بالرياضة والتريض أمر هام وضروري، ولا يعيق الدرس إذا ما تم خلال وقت معين ومنتظم. لكن إهمال الهوايات والرياضات (بزعم كثرة الدروس) قد يؤثر علي الصحة البدنية والنفسية لأبنائنا فنكسب شهادات لهم، ولكن نخسر نموهم المتكامل والمتوازن، فطاقات البدن والنفس ينبغي إشباعها بالحاجات الضرورية والمفيدة والمتنوعة.. استرواحا واستيعاباً وتصريفاً لطاقات أطفالنا ومراهقينا سواء بسواء.
ومما له كبير الأثر في نجاح طلابنا بث الثقة وروح المنافسة مع ذواتهم، فيبذلون المزيد من الجهد، مع عدم التراخي أو التواني، والنقد البناء وتقويم ما قد يعترض مسيرة العام الدراسي. ويبقي عدم الخوف أو القلق من الامتحانات، إذ ليست هي نهاية المطاف. كما أنها ليست المقياس النهائي والجازم عن مدي قدرات ومهارات وذكاء وتفوق وإبداع أبناءنا في حياتهم العملية ومستقبلهم المنتظر. 

إن تقويم أطفالنا وأبناءنا وفقا للعلامات التي يحصلون عليها في شهاداتهم، أو وفق ترتيبهم في الفصل، كثيرا ما يثير حفيظة وقلق الآباء والأمهات، فيشعرونهم بالذنب عندما تقل علامات اولادهم:\"أننا نضحي ونبذل من أجلكم الكثير والكثير، ومع ذلك فلان قد حصل علي علامات أكبر، فهو أفضل منكم وسيتفوق عليكم.. وأنتم فاشلون عاجزون/ أغبياء\". إن هذا النهج ـ المقارنة والنعوت السلبية مع الآخرين دون تتبع ومعالجة أسباب الإخفاق ـ مُحبط ومعيق، بل ومُدمر، ومُكرس للفشل؟. كما قد \"يعتاده\" الأولاد في تقويم زملائهم وأفراد المجتمع وفق درجاتهم فقط، فيغيب البعد الإنساني فقيمة المرء ليست في حصوله علي \"وثيقة/ رخصة/ شهادة علمية\" فقط، ولكن في شخصيته السوية نفسيا واجتماعيا وإنسانياً, وإحساسه بذاته وبالآخرين. ولماذا لا نري أولياء الأمور يحثون اولادهم: \"لمَ لم تساعدوا زملائكم عل فهم واستيعاب الدروس التي غابوا عنها لمرضهم أو لظروفهم الخاصة؟، أذهبوا وكونوا في حاجتهم يكن الله في حاجتكم\". 

إن رسالتنا نحو أولادنا ليست منةً نشعرهم بالذنب إن لم يلبوا ما نريده/ نأمله منهم. كما إن بث الحب لهم ينبغي ألا يكون مشروطاً:\"ذاكر/ ذاكري كي نحبك، إذا لم تنجحوا فلن نحبكم\". ولكن يمكن القول: \"أنتم أولادنا.. نحبكم دوما وبإمكانكم بذل المزيد من الجهود لتحققوا ما تحلمون ونحلم به لكم\". إن بذل الحب يعطي \"الأمان النفسي\" لأولادنا، و\"الاستقرار\" لأسرنا، ويبقي طريق العلم هو الموصل للسعادة الكبرى: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: \"مَا مِنْ رَجُلٍ يَسْلُكُ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا إِلَّا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقَ الْجَنَّةِ وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ\"(سنن أبى داود، برقم:3158). 

بقلم: أ.د. ناصر أحمد سنه .. كاتب وأكاديمي من مصر. 

ملف التربية والتعليم- تربية وتعليم أم أمية وتجهيل

 عمار ديوب
تعتبر مؤسسة التعليم والتربية على اختلاف مراحلها إحدى أدوات الهيمنة الإيديولوجية للطبقة المسيطرة في أي بلد وهي بسياساتها ومناهجها تعيد تجديد السيطرة الطبقية (1) وإحكام قبضتها على المجتمع بما يخدم مصالح طبقية معينة ، متضمنة بالضرورة جملة من المعارف والعلوم والأفكار والعادات والتقاليد ، ومُصاغةً بطريقةٍ تؤدي لتفكك الوعي وبعثرته في اختصاصات متعددة ، لا رابط بينها ، وقد لا تتنافى مع العلم الطبيعي أو الاجتماعي؛ ولكنها دائماً متأخرة عنه في العالم المتقدم ، وكذلك لا تقدم نظرة متماسكة ومترابطة عن الأشياء أو المجتمع ، مما يفرغها من قيمتها النقدية والثورية ويجعلها بدلاً من أن تكون ناقدة لمشكلات المجتمع على كل المستويات ، مثبتة لها ، ومؤبدة إياها ، وبالتالي تصبح ضد التنمية المستدامة وحتى الجزئية..
يشرف على هذه المؤسسة وزير للتربية ، يعين من قبل رئيس الجمهورية ، ويعتبر هو وتوقيعه المصدر الأساسي للسياسة التعليمية وكل ما يخص هذا الشأن ، ويساعده مجموعة كبيرة من الموظفين البيروقراطيين الإداريين ، اللذين يهتمون بقضايا المدارس والمعلمين والطلبة والمناهج والامتحانات وغيرها ، ويشرفون على تنفيذ القرارات الوزارية ، وكأنها أوامر عليا مقدسة ، وهو ما يعرقل العمل التعليمي ويحول حياة كثير من المدرسين والطلبة والمدراء إلى جحيم حقيقي ، مما يؤدي بدوره لإلغاء البعد الثوري والنقدي للعلم ، وتحويله إلى مجرد معارف كمية ، تكمن قيمتها في تلك الكميات المخزنة في الذاكرة فقط ، والمُخرجة إلى الورق حين الامتحانات العقيمة ليتحول الطالب بدوره بفضل تلك السياسات التعليمية إلى آلة ناسخة أو كيس ممتلئ بالمعلومات تشبه أكياس البطاطا ؟!!..
ينقسم التعليم في سوريا ، إلى عدة اختصاصات ، يتم التركيز فيها على الاختصاص العلمي بصورة استثنائية وكذلك الأدبي وهناك الفروع المهملة وهي المهنية بأنواعها كالتعليم الصناعي والتجاري والزراعي والفني والفندقي والديني وغيرها يُقصد بالاختصاصات المتعددة تغطية حاجات المجتمع ، والاستجابة للتطورات به ، ولكن بينما المدارس الصناعية في الصين ترسل لسوريا وغيرها ألاف السلع الصناعية وتجني مليارات الدولارات من ورائها فإن التعليم الصناعي في سوريا يبقى عبئاً ثقيلاً على الدولة ، أما لماذا لا يتحول إلى قطاع منتج ، فلا أحد يعلم ؟

بالتالي وبشكل أولي نقول أن طريقة التدريس وصياغة المعلومات وعدم الربط بين النظري والعملي والسياسات التعليمية البيروقراطية كلها تُفرغ التعليم من محتواه ، ليصبح كل اختصاص لا علاقة له بالآخر، وكذلك لا علاقة له بالعلم ذاته أو بالحاجة العملية للمجتمع أو الاقتصاد أو الاجتماع البشري ، ويمكن أخذ مثال أخرمن التعليم الجامعي ؛ فطالب علم الاجتماع لا يستطيع فهم أية ظاهرة اجتماعية أو إجراء دراسات ميدانية حقيقية (2) كما أن طالب الفلسفة لا يستطيع تفسير وفهم وارتباط وشروط بعض القضايا في الفلسفة أو السياسة وقد شبهه أحد أساتذة الفلسفة بأن عقله بسبب المناهج التعليمية يشبه بوري المدفأة ، فالمعلومات مكدسة فوق بعضها البعض ، ولكن بلا اتجاهات ، وبدون روابط أو قدرة تحليلية ، وأما طالب العلوم السياسية فهو بدوره لا يستطيع فهم العلاقة بين السلطة والدولة والمجتمع وسيادة الدولة ، وإذا استطاع بعض الطلاب السابقين ، وبفضل جهودهم الذاتية ، تجاوز السياسات التعليمية وعقمها؛ فإن ذلك الطالب لا يستطيع تطبيق أفكاره على الظاهرة المراد دراستها ، ليصبح هؤلاء الطلبة واقعياً ، من مضيعي أوقات أعمارهم في المدارس أو الجامعات ، لان أعمارهم تقتضي ذلك ، أو طالبي شهادة جامعية ، تعلق على الجدران أو توضع مع الأوراق المهملة ، وبالتالي طالب العلم بذهابه لمدرسة العلم يصبح بلا علم أو ثقافة أو تربية حديثة..
تكتمل حلقة ضعف التعليم بغياب التربية الايجابية ، فيعاد تركيب عقل الطالب عبر التعليم كونه صندوق الذكريات القديم ، والمنفصل بدوره عن التربية العلمانية والديمقراطية ، ليستعيد هذا الطالب – الصندوق – تربية ذويه المعتمدة بدورها على العادات والتقاليد القديمة غير النقدية ، وغير القادرة ، على تجاوز الهويات الشعبية الدينية ، الاثنية والأقلية وبالتالي لا يساهم التعليم أو التربية في تكوين وعي مدني حديث لكافة أبناء المجتمع .
وهذا يعني تجهيل الطالب وتكريس وعيه بالوعي الماهوي التقليدي لتصبح نتائج التعليم والتربية ( الدينية والقومية والنفسية والاجتماعية) تربية محافظة ، والتعليم في أحسن أحواله تعليم اختصاصي ، والفرد أناني في علاقة بالعلم ، ويهتم لمصالحه وهو ما يكرس انفصام العلاقة مع الثقافة والفكر الحديث وبالتالي لا علاقة للعلم بالثقافة كما يقول دكتور الفلسفة طيب تيزيني وكذلك بالحياة الواقعية وبآليات نقد المجتمع …
التعليم الإلزامي:
طبقت سوريا سياسات التعليم الإلزامي إلى نهاية الصف الابتدائي وعممته منذ سنوات إلى نهاية الصف التاسع ، وكان المقصود بالأمر من أساسه، إنهاء الأمية ، وتعليم الجميع القراءة والكتابة ، وبعض القضايا العلمية ، إلا أن ضعف الرقابة على التعليم، وسوء نوعية المعلمين، وانحطاط وعيهم ، ونوعية المدارس ، و كثافة الطلاب في الصفوف ، وقلة أجور المعلمين وغياب أي دوري نقابي مستقل لنقابات التعليم لصالح المعلمين والارتفاع بسوية المعلمين والمدارس ذاتها وعدم وجود حوافز أو مكافآت ذات قيمة. أدى كله لتراجع التعليم وترفيع قسم من التلاميذ بشكل أوتوماتيكي إلى الصف السادس الابتدائي ، وهو لا يعرف جدول الضرب ذاته أو يكرهه بطريقة غربية كما شرحها فيلم رسائل شفهية. والمؤسف كذلك أن بعض الطلبة لا يستطيعون قراءة لافتة في الشارع ؟!
وهذا ما أدى لظهور أمية عالية في سوريا ، سببها ، وأشدد أنها ، السياسة التعليمية الفاشلة ، وافتقاد الحس بالمسؤولية لدى المدراء والمعلمين ، الناتج بدوره ، عن انعدام قيمة المعلمين أو المدراء أنفسهم وإغراق المدارس بأشخاص لا علاقة لهم بالتعليم إلا من زاوية الأجرة الشهرية الشحيحة..
وتتعمق المشكلة بتنصيب المدراء عن طريق التعيين البغيض والمسيء لكل عقل تربوي أو مدرس محترم ومراعاة الأقارب أو عن طريق حزب البعث أو الشبيبة أو أجهزة الأمن المختلفة ، وهو ما يتسبب بكوارث حقيقية وبعدم وجود أي نوع من التلاؤم بين المدرسين والموجهين والطلاب..
هذه الآليات المستمرة في التعليم تساهم في تعميم الأمية وإفلاس التعليم والتربية معاً ، لتتحول سياسة التعليم الإلزامية- التي هي عظيمة كفكرة وكارثية بارتباطها بالبيروقراطية وبمآلاتها في سوريا- إلى سياسة مُفرغة من محتواها وشعار مجاني وإيديولوجيا بامتياز ، وهذا لا يقلل من أهمية ما أدته من دور في نشر التعليم قبل عدة عقود في أوساط الطبقات الفقيرة ؛ ولكنها الآن تدفع باتجاه إلغاء التعليم العام وتحويله إلى تعليم خاص ومشروع استثماري . ويعتبر كثير من رجالات الدولة ، نافذين في هذا الموضوع ، ويحاولون بكل الآليات القائمة الآن التخلص من التعليم العام في كل مراحله ، وتفعيل آليات إفشاله ، ونهبه ، ودفع الطلاب نحو التعليم الخاص في كل مراحله ( الابتدائية والأساسية والثانوية ) ونحو الموازي أو المفتوح أو الجامعات الخاصة ..
الاختصاصات والفوارق الاجتماعية:
إن سبب بروز هذه الاختصاصات هو من أجل الاستجابة لحاجيات المجتمع وتطوراته الاقتصادية والاجتماعية ، ولكنها وبمرور الزمن ، والابتعاد عن السياسات التي تقلل من الفوارق الطبقية في المجتمع والمرتبطة بدورها بتحول الطبقة المسيطرة من طبقة برجوازية صغيرة إلى برجوازية كبيرة تجارية ، فإن الاختصاصات أصبحت تعمق وتخلّد الفوارق الطبقية في المجتمع ، وتلعب السياسة الفاشلة بالتعليم في الابتدائي والإعدادي والثانوي وكذلك ارتفاع معدلات الدخول للجامعات العامة دوراً نابذاً وطارداً لأبناء الفقراء الذين لا يستطيعون إرسال أولا دهم إلى المدارس الخاصة ولا تزويدهم بمعلمين خصوصيين ولا إرسالهم لجامعات خاصة ، مما يحول التعليم لحلم مؤجل لديهم ، خاصة وأن أقساط التعليم الخاص تعتبر أسعار خيالية ( تخيل بعض المدارس الخاصة تسعيرتها 80 ألف ليرة سورية وبعض الروضات تصل تسعيرتها لخمسون ألف ليرة ) وهو ما شكل قطاعاً جديداً من النهب مضافاً إلى آليات النهب العامة ، تشفط من خلاله بقية المدخرات التي أختزنها الناس – من الطبقة المتوسطة – على حساب لقمة عيشهم أو عيشهم الكريم أو تحولهم لآلات عاملة سخيفة بدون قيم أو مشاعر ..
فالاختصاصات المهنية والأدبية تحول أفرادها في المستقبل إلى أشخاص يعملون عملاً روتينياً تكرارياً ، يجعل الفرد بدوره آلة صناعية وبمرور الزمن آلة معطوبة وغير قابلة للتحديث والانمساخ (اقرأ رواية كافكا التحول) وأصحاب هذه الاختصاصات لا يستطيعون إيفاء حاجاتهم اليومية ، أما أصحاب الاختصاصات العلمية ( ولا سيما الدكاترة ، الصيادلة ، المهندسين في بعض القطاعات) فإن أفرادها يصبحون من طبقات غنية وبيروقراطيين ناهبين حقيقيين وهو ما يكرس أن أبناء الأثرياء أو أبناء السلطة أفراد من طبقة مسيطرة حاكمة وأبناء الفقراء من طبقة فقيرة محكومة ، مما يؤدي بدوره لأن يصبح أبناء الفقراء فقراء دائمين وأبناء الأغنياء أغنياء دائمين وبالتالي بدلاً من أن تكون الاختصاصات من أجل تلبية حاجات المجتمع على اختلافاتها تصبح مكرسة للفوارق الطبقية(3) والاجتماعية في المجتمع على اختلافاتها..
التعليم الديني(4):
برزت في الآونة الأخيرة محاولات لتعميم التعليم العام بدون التعليم الديني حتى نهاية الحلقة الثانية في التعليم الأساسي بحيث يكتسب التلميذ معارف علمية وقدرات عقلية تسمح له بالاختيار بين أن يكون شخصاً متابعاً لدراسته في قضايا الدين والتخصص به والتفقه أو متابعاً لدراسته في إطار العلوم الحديثة ، فجاء رد رجالات الدين في سوريا بليغاً برسالة لرئيس الجمهورية تشيد بالتعليم الديني وبأهميته وأنه يجب أن يبقى على حاله منذ الصف الأول الإعدادي وأن إلغائه مؤامرة ؟ ضد التعليم من قبل وزارة التربية ؟ ولا أقصد كتاب التربية الدينية لأنه موجود والحمد لله منذ الصف الأول الابتدائي في مناهج التعليم ؟؟!!
بل أقصد التعليم الديني كمناهج أصول الفقه أو الحديث أو غيره الذي تقدمه بعض المدارس بالإضافة للمناهج العامة التي تعطى بالمدارس الأخرى . وقد تضمنت تلك الرسالة العلمية عبارات منددة بالتعليم المختلط وبطريقة تفيح منها روائح التعصب الديني والعقلية الذكورية واتهامات بأن المدارس المختلطة بؤر للفساد والانحطاط الأخلاقي ، قاصدين أو متجاهلين أن المدارس في القرى السورية التابعة للمدن الصغيرة ، جميعها مدارس مختلطة ، والسؤال إذا كانت مكاناً للانحطاط؟ أليس هذا معناه أن قرى سورية بأكملها ذات المدارس المختلطة منحطة وعديمة الأخلاق والدين ؟!
الغريب أن هؤلاء الشيوخ الأشاوس لا يأبهون لأبسط نظريات التعليم أو علم النفس والتي توصي بضرورة التعليم المختلط خشية من مشكلات جنسية من ذات النوع ومن انحدار التعليم وكون التعليم المختلط يضيّق الفروق بين الجنسين ، ويقرب بينهما ويستدعي المنافسة التعليمية ، ويعمل على تجاوز العقليات الذكورية، والتعريف بالآخر كما هو ، لا كما الأوهام عنه ، مما يرفع من سوية التعليم ، ويساهم في خلق وعي متقدم وديمقراطي وعلماني وقناعة عقلية واجتماعية بالمساواة بين الجنسين بالحقوق والواجبات..
أما الفصل المراد والمطلوب من أجل الأخلاق الرفيعة !! كما يقال والذي يعمم بين العائلات والمدرسين فإنه يؤدي لتراجع المنافسة بين الطلاب، ولإثارة الأسئلة حول سبب غياب الجنس الآخر، وزيادة الاهتياج لعدم وجوده ، وتحويل العلاقة لاحقاً إلى علاقة مشوهة مقتصرة على البعد الجنسي خاصةً وأن هذا الدافع العضوي الأصيل – الدافع الجنسي - لدى الإنسان يزداد اهتياجاً بالفصل بين الجنسين ويخفت هيجانه بالاختلاط ، وبالتالي يؤدي الفصل المحبب لدى مشايخنا ، لوقوع الطلاب بعلاقات سطحية وجنسية - لا تبررها قلة الأخلاق الركيكة حكماً- وضياع كثير من الأوقات في محاولة فهم الأخر ، غير المرئي ، والمرغوب وجوده ، فتكون النتيجة تكوين عقل ممسوخ ومشوه عن الجنس الأخر وهو ما يحقق مصلحة رجالات الدين ، الذين تزدهر أسواقهم كثيراً في ظل قمع الفكر العلماني واليساري وارتفاع الوعي الديني ، فيظهر شيوخه كشخصيات عامة ذات حظوة ، وهو ما يؤدي لتكريس التشويه الحاصل في الوعي الشعبي ، غير المهووس بالتعصب والطائفية ، وعياً طائفياً ذكورياً ، إقصائياً ، غير حداثي ، وغير علماني ..
أما مادة التربية الدينية: بالإضافة للتعليم الديني والفكر المتعصب السائد وبرامج التلفزيون الدينية والجامعات الشرعية وبتغييب أية فاعليات علمانية أو يسارية أو قومية ؛ فإنها أول ما تقوم به هو تكريس فكرة الماهيات بين الطلاب ( مسيحي ، مسلم ) وكذلك إلغاء الهويات الدينية لغير السنة ( دروز ، اسماعيليين ، علويين وغيرهم ) واعتبار الجميع شاءوا ، أم أبوا ، سنة هذا أولاً..
ثانياً : تأبيد دونية المرأة إزاء الرجل ، وخصها وفق الكتب التربوية الدينية بالأعمال الهامشية والمنزلية مما يكرس لاحقاً حقوق الرجل وعدم وجود حقوق للمرأة ، وهو ما يؤبد العقلية الأبوية الإقطاعية ، ويعرقل انطلاق الوعي المدني الحديث، الذي يقر ، بالحقوق المتساوية لجميع المواطنين وبغض النظر عن الجنس..
ثالثاً : إلغاء الهوية القومية لصالح استحضار هوية دينية ماهوية تفرق أبناء العروبة وتخلق فوارق اجتماعية ومذهبية وبالتالي تشويه الوعي القومي العام الذي يميّز العرب أينما وجدوا وبغض النظر عن دولهم القطرية التابعة كجزء من أمة عربية ، والذي برز من أواخر القرن التاسع عشر والقرن العشرين، وكرسته القوى القومية ، هويةً قوميةً للعرب في الخمسينيات والستينيات ، وحولته أنظمة الحكم القطرية وعياً طائفياً محلياً ..
رابعاً : خلق حالة من الوعي الامتثالي ، الخاضع ، التابع ،المستهلك ، غير القادر على النقد والنقض والاعتراض والاحتجاج والتظاهر ، وبالتالي وعي لا يرى المشكلات ، ويمجد الأب أو القائد أو الشيخ ، وهو ما يؤبد الأوضاع القائمة والتي بتغير النظام الحاكم تكون القوى الوحيدة القادرة على تسلم زمام البلاد ، أي القوى الطائفية ، التي لم تتعارض مع النظام باستثناء فترة الثمانينيات ، واستفادت منه حتى الرمق الأخير من حياته ، واستفاد هو منها حتماً في ديمومة سيطرته واستمرار يته..
التعليم الفلسفي (5):
يعتبر التعليم الفلسفي ضرورة أساسية في التعليم باعتباره ينمي عقلية النقد والتفسير والتفكير وينطوي على بعد تجاوزي للقيم السائدة ويبحث عن مجتمع أخر ومتقدم عن المجتمع القائم ولكن ولأن كل شيء مترابط فإن ما يسري على التعليم العام من فشل ومشكلات يسري على التعليم الفلسفي كما على كل قطاعات الحياة ولهذا فإن بعض مشكلات هذا التعليم تخرجه تماماً من أهميته وضرورته، وهذه المشكلات تتحدد بأربعة مستويات :
1- مشكلات تتعلق بالطلاب : فتبدأ من أن طلاب الأدبي لا يدرسون إلا القليل من المواد العلمية ، ويمتازون بالكسل ، خاصة وأن الكليات العلمية أصبحت حلم حقيقي ، وجماعة الأدبي لا يطيقون الرياضيات ، ولكن الرياضيات تعتبر أساسية في التفكير الفلسفي كما أشار أفلاطون وغيره . وهناك من يذهب للأدبي لأنه لم يقرر بعد نوع التعليم الذي يرغبه ، أو العمل المستقبلي ، أو الراغب بالانخراط بوظائف الدولة كما فعل كثير من المعلمين الحائزين على الشهادة الثانوية الأدبية وكان لهم ضمن السياسة التعليمية القائمة شرف المساهمة في إفشال التعليم العام..
2- مشكلات تتعلق بطرائق التدريس : تبين أن الطريقة الإلقائيةهي الوحيدة المستخدمة في التدريس ، مع أن جميع دارسي الفلسفة يؤكدون على ضرورة الإقلاع عنها ، ولكن المشكلة أن جميع مدرسي الفلسفة في سوريا يستخدمون هذه الطريقة بالتحديد وربما تلعب كثرة الطلبة في الصفوف والامتحانات الحفظية دوراً في تغليب هذه الطريقة ، وأما الطرائق الجديدةكالإبداعية أو طريقة النشاط أو التفاعل أوحتى الحوارية فإنها تتطلب شروطا مختلفة تماماً عن الشروط الموجودة حالياً في العملية التعليمية بأكملها..
3- مشكلات تتعلق بأهداف التدريس : لا يوجد صياغة لأهداف محددة وواضحة ويتم الاكتفاء بأهداف عامة تصلح لجميع المواد عدا عن حجم المادة التعليمية والتي تجبر المدرس على إتباع الطريقة الإلقائية الحفظية وإبعاد استخدام التحليل والتركيب والتقويم وبالتالي عدم تنمية التفكير النقدي وحس المبادرة أو المسؤولية..
4- مشكلات تتعلق بمدرس المادة: إن معظم مدرسي هذه المادة لم يختاروها بمحض إرادتهم بل عبر طريقة المفاضلة وبسبب حجم علاماتهم الضئيلة ، والأخطر أنهم الآن ، هم من طلبة الفرع الأدبي المشار إليهم أعلاه ، ولا تتوفر لهم فرص لتطوير ذواتهم أو القراءة لانشغالهم بأمور المعيشة الباهظة الثمن أو لانعدام الحياة الثقافية والسياسية في البلد
هذا عدا عن مشكلات أخرى تتعلق بضيق الوقت المخصص للمادة وركاكة صياغة المادة التعليمية وكثافة الأفكار وعدم ارتباط المناهج ببعضها في الصفوف المتلاحقة والأعداد الكبيرة في الصفوف ومنع زجر الطلاب في المدارس والتقليل من صلاحيات المدرس وتعرض الكثيرين منهم للإهانة فيها من قبل الطلاب أو المدراء أو الأهالي وسوق بعضهم لمخافر الشرطة والقضاء وغيرها وكلها مشكلات تضع المدرسين والمعلمين بأسوأ وضعية في وظائف الدولة وفي المجتمع
أخيراً نرى بأن التعليم العام وفق الوضع السائد هو تجهيل حقيقي ، وأن التعليم الخاص بكل أشكاله هو سياسة طرد حقيقية للفقراء من التعليم ، وبالتالي إصلاح التعليم ضرورة للطبقات الفقيرة ، بحيث يعاد للتعليم العام دوره ، وأن تعطى نقابة المعلمين دوراً حقيقاً في رسم سياسة التعليم وإيقاف الاستهتار بالمعلمين وإعادة النظر بأوضاعهم وأجورهم وبكل تركيبة الصفوف الدراسية والمناهج ؛ بما يعزز إلزامية التعليم حتى الحصول على الشهادة الثانوية والإقلاع عن المناهج الحالية ، وكذلك عن نظام الامتحانات السيئ الصيت ، والعمل من أجل تعليم عام لجميع الطلاب وإيقاف سياسة خصخصة التعليم العام في الجامعات العامة( موازي ،مفتوح ،رسوم عالية للتسجيل وللسكن)(6) وفتح جامعات جديدة وسحب الرخص من الجامعات الخاصة ذات الفروع الموجودة في الجامعات العامة ، والسماح فقط لبعضها من غير الاختصاصات الموجودة في الجامعة العامة، وهذا ضروري الآن وغداً ، ولن تكون له فاعلية حقيقة إن لم يترافق مع التحول نحو نظام ديمقراطي يسمح لجميع الفعاليات العلمية والتربوية والثقافية بإبداء رأيها بالتعليم والتربية والسياسة والثقافة ، وإعطاء دافعية للعقل بالنقد والتفكير والسؤال ، والعمل لتحقيق التنمية المستدامة وتلبية حاجات سوريا الحقيقية..
المراجع
1- راجع كتاب مهدي عامل :في قضايا التربية والسياسة التعليمية،دار الفارابي ،1991..
2- راجع مقالة مها جديد: مجتمع مدني هش ومشتت، موقع البديل ..
3- راجع مقالة غرامشي : في البحث عن المبدأ التربوي، في كتاب فكر غرامشي مختارات ،دار الفارابي ..
4- راجع مقالة إبراهيم حميدي : الأرياف السورية تغذي المدن بالمتشددين، صحيفة الحياة.
5- راجع كتاب الدكتورة كهيلا بوز: طرائق تدريس الفلسفة، منشورات جامعة دمشق ،عام 1998 من ص 457- 466 …
6- اقرأ مقالة عمار ديوب : سياسة الليبرالية السورية في التعليم المفتوح ، موقع البديل 


المصدر
http://penible-digne.maktoobblog.com/1517472/%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85-%D8%A3%D9%85-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%AA%D8%AC%D9%87%D9%8A%D9%84/