بقلم خليفة علي الحداد
الفشل الذريع الذي منيت به الندوة التي نظمتها وزارة التربية حول إصلاح المنظومة التربوية كان متوقّعا ولم يثر أي استغراب في نفوس العارفين بكواليس بناية شارع باب بنات.. هذه الندوة لم تختلف في شيء عن مجالس المبايعة والمناشدة التي كان ينظمها نظام الهارب ويسميها ندوات إصلاح.. الوجوه نفسها، واللغة الخشبية نفسها، والضعف المهني والعلمي للمشرفين نفسه، والانتهازية نفسها، والسفاهة نفسها..
بعض الوجوه المشاركة كانت من منظمي حفلات المناشدة واللباس التقليدي والشبيبة المدرسية ومنتدى المربين والشعب المهنية ومن كاتبي تقارير البوليس السياسي والمصفقين والمزكّين.. وزارة التربية الموقّرة ما زالت تعيش زمن 16 ديسمبر، ومازال كلاب التجمع وأراذل البوليس السياسي ووجوه الفساد الكالحة يسرحون فيها ويمرحون ويحكمون، ويعزّون من ركع ويذلّون من نطق، والسيد الوزير غارق في سباته الطويل بمكتبه الفاخر وكأنه ليس من ضمن فريق حكومي من المفترض أنه يمثل تونس الثورة..
سيدي الوزير
متى ستفتح ملفات زعيم اللصوص الصادق القربي؟ سيدي الوزير متى ستكنس بقايا بن علي وليلى الذي يحيطون بك من كل زاوية ويكتمون أنفاس كل الصادقين؟ سيدي الوزير متى ستجري تحقيقا جادا في صفقات الفساد والرشوة في البنايات المتداعية التي تهدد حياة أبنائنا؟ سيدي الوزير متى ستطرد المسؤولين المركزيين والجهويين الذين نكّلوا بالمربين والمربّيات وهتكوا أعراض بناتنا في المعاهد والإدارات؟ سيدي الوزير متى ستعلمنا عن المجرمين الذين أحرقوا مستودعات وزارة التربية وكبدوا بلادنا خسائر لا تعوّض؟ سيدي الوزير متى ستفتح تحقيقا في الفساد الرهيب بالمدرسة التونسية بالدوحة؟ سيدي الوزير متى ستعيد الأمور إلى نصابها في المدرسة التونسية بليبيا ليصبح الالتحاق بها خاضعا لمقاييس موضوعية وليس لهوى البوليس السياسي والتجمع المجرم وقابضي الرشوة؟
سيدي الوزير
متى ستزيح الستار عن مهزلة طويلة تسمى تدريس الحضارة التونسية لأبناء جاليتنا بأروبا التي ظلت لردح طويل ستارا للفرز البوليسي والحزبي والزبوني والجهوي و"الرّشوي"؟ سيدي الوزير متى ستحيل إلى العدالة الذين أشرفوا على تجفيف المنابع ونشروا المخدرات في مدارسنا وأفسدوا كل شيء جميل في الناشئة؟ سيدي الوزير متى ستعيّن مستشارين من ذوي السيرة الحسنة واليد النظيفة والكفاءة العالية؟ سيدي الوزير أيها الدكتور متى ستقتدي بذلك الأمّيّ طارق ذياب الذي عقد العزم على قطع دابر الفاسدين وكلاب التجمّع من وزارته وتحدّى مجاميعهم وأصمّ آذانه عن تهديداتهم ونجح لأنّه صادق ولأنه فهم مطالب الثورة ولأنه مؤمن بنبل مهمّته في هذا الزمن الثوريّ الذي يصبح فيه السكوت على الفاسدين والأزلام إهانة لم نكن نتوقعها لدماء الشهداء وتضحيات قوافل طويلة من المناضلين؟
سيدي الوزير،
سيقول لك الأزلام من حولك: هذا "إخونجي" متطرف، فلا تصدقهم. سيقولون لك: هذا "مؤتمريّ"، فلا تصدّقهم. سيقلون لك: هذا "شعبويّ"، فلا تصدّقهم. سيقولون لك: هذا "شيوعي"، فلا تصدّقهم. سيقولون لك: هذا "جهويّ" فلا تصدّقهم. فما أرسلت رسالتي وما قلت قولي إلا لأني مربّ لا يشرفني أن أصمت وعيني تدمع في زمن الثورة بعد أن تكلّمت في زمن السياط، وكلاب البوليس السياسي "التربوي" تذكر ذلك جيدا.
سيدي الوزير،
والله ما أردت مزايدة ولا قصدت وشاية ولكن ما أراه من تراخ ولا مبالاة يجعل صمتي جريمة في حقّ نفسي وفي حقّ أبنائي وفي حقّ أبنائك وأحفادك وفي حقّ هذا الشعب الذي آن له أن يرى عصا الإصلاح تهوي على رؤوس الفاسدين والمخبرين والجلادين والأزلام. سيدي الوزير، أريد الصّمت كي أحيا، ولكن الذي ألقاه ينطقني ختاما،
تقبّل سيدي فائق الاحترام والتقدير
http://assaa.tn
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق