الثلاثاء، 19 يوليو 2011

مشقة التدريس

كتبها مرشد الأستاذ ، في 2 نوفمبر 2008 الساعة: 12:34 م

إحدى الورقات التي اقترحت عند الإعداد لآخر مؤتمر للنقابة العامة للتعليم الثانوي

مهنة التدريس مهنة شاقة

                                                            إنها تشيّب رأس الشباب

مهنة التدريس مهنة شاقة وتزداد مشقة.فالتدريس عمل نوعي يتطلب طاقة كبيرة نظرا لخصوصيته وللظروف التي ينجز فيها دون مراعاة هذه الخصوصية بل إن واقع التدهور في المؤسسة التربوية يجعل هذه المهنة يشيب لها الرأس بل يجعلها مهنة تدميريّة بدنيا ونفسيا. وان توصيفا سريعا للمشاقّ التي يعانيها مدرس الثانوي يمكننا من تطوير مطلب التقاعد 55 سنة/30سنة عمل الذي يبدو للوهلة الأولى وكأنه مطلب رفاهية.

                *يعاني المدرس من الإرهاق نظرا لخضوعه لضغوط عديدة و متنوعة ومن أهم أسبابها:

                                                              شعوره  بالاغتراب

            * اغتراب كل من المدرس والتلميذ عن البرنامج وما يؤدي إليه من توتر كل منهما ثم توتر علاقتهما ببعضهما
            * ــ بقاء المدرسة قطعة من الماضي تعمل خارج دائرة التطور.
            * ــ المفارقة بين الرهان على المدرسة وبين اليأس منها.
            * ــ عدم القدرة على إصلاح التعليم وتكييفه لخدمة الأهداف الوطنية وحاجة المجتمع.
            * ــ عدم القدرة على التصدي للإصلاحات السطحية التي لم يستشر فيها والمملاة من أطراف خارجية معروفة بعدائها لتقدم الشعوب وتحررها وتحكمها في مصائرها.

            * ــ اعتبار التلميذ محور العملية التربوية حوّل المدرسة إلى فضاء يسيطر عليه التوتر إذ أصبح التلميذ فيه رأس الحربة في الضغط على المدرس وذلك نظرا لعدة أسباب نذكر أهمها:
             ــ  اعتباره المدرسة سجنا وفضاء لا بريق فيه إذ فقد قدرته على الاستقطاب.
             ــ إحساس التلميذ بأن المدرسة لم تعد فضاء محبة وتعاون تسهر فيه كل الأطراف لمساعدته والأخذ بيده لتحقيق آماله بل هي فضاء توتر يعيق طموحاته ويكبح اندفاعه نحو المستقبل.

            *  ــ نوعية التلميذ الجديد والتأثيرات الثقافية الخارجية.
            * ــ الاكتظاظ العددي والنوعي والحالات الخاصة.
            * ــ الامتحانات ودوريتها وظروف إنجازها.
            * ــ الامتحانات والمواد والضوارب.
            * ــ جداول الأوقات وتوزيع الحصص وحظوة بعض المواد دون غيرها بتفسيرات غير مقنعة ولا تنسجم إلا والاختيارات المملاة.
            * ــ الزمن المدرسي.
            * ــ حصص التكوين والرسكلة غير المجدية ) نوعية المسائل المطروحة وطريقة عرضها وتناولها و توقيتها بالنسبة للتقدم في برنامج السنة الدراسية ومواعيدها) العطلة,أسبوع الامتحانات أو أسبوع الإصلاح…(وطرق تعامل بعض المتفقدين فيها مع الأساتذة) تصل إلى حد الإهانة(.
            * ــ تفصي العائلة من المسؤولية وإلقاء كافة الأعباء في الشأن التربوي على كاهل الأستاذ)لقاء الأولياء وما يتخلله من مشاكل وما يتعرض له الأساتذة فيه من ضغوط واستفزاز قد يصل أحيانا إلى الإهانة والتطاول(.

            *ــ علاقة الدولة بالمدرسة

              ــ التعامل معها كمشروع استثماري يكيف لتحقيق الربح ويتحول فيه البشر إلى سلعة

              ــ ردود الدولة على مطالب الأساتذة في تحسين ظروف العمل والتعويض عن تدهور المقدرة الشرائية للمدرس والترفيع في المنحة الخصوصية ردودا اقتصادية = مالية  والتهرب من مناقشة المسائل المطروحة بالعمق
 الذي تستدعيه )التركيز على إمكانيات الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية للرد على مطلب التخفيض
 في سن التقاعد أو توسيع قائمة الأمراض طويلة الأمد والتي تعتبربعضها أمراضا مهنية  (.

              ونظرا لتعنت سلطة الإشراف ومقابلتها مطالب قطاعنا بالكثير من اللامبالاة والتسويف ونظرا لتأخر إنجاز القانون الأساسي لأساتذة التعليم الإعدادي والثانوي فانه لم يبق أمام الأستاذ إلا المطالبة بحق التقاعد في سن 55هروبا من جحيم هذه المهنة الشاقة والتي ذلّت بعد عزّ. 

              ونظرا لكل ما سبق لابد لقطاع التعليم الثانوي أن يخوض المعركة ليرفع عن الأساتذة ما يشعرون به من غبن وضغط وتدمير وممثلو القطاع ليسوا بحاجة إلى شحن القواعد على قاعدة الإثارة وإنما هم بحاجة إلى الإقناع بأن المسألة قابلة للقيس والى استكمال القدرة على التعبئة بالقدرة على المحافظة عليها لتجسيم الشعارات التي يلتف حولها عموم الأساتذة لنقطع مع حالة التذمر واللامبالاة ثم مع الانسياق إلى التفكير الآني والسطحي والحلول الوقتية المتسرعة التي لا تلعب إلا دور المسكنات ولابد أن نكتسب الجرأة و القدرة على تعميق التحليل وتشريح الحالة حتى لا نقابل الخطاب الرسمي غير المقنع والساعي إلى التنميط والترويض بخطاب مضاد ضبابي يعتمد الرفض الحسي.

            إن هذا الوضع الذي تعاني منه المؤسسة التربوية خطير جدا لا على المدرس فحسب وإنما أيضا على التلاميذ أي على المستقبل.   و نظرا لأن هذا الوضع ناتج عن السياسة التربوية المرتجلة والمتقلّبة وغير المستجيبة لطموحات مختلف أبناء الشعب في تحقيق الغد الأفضل بكافة شروطه ضمن المحافظة على الثوابت الوطنية والقومية والإنسانية فإن تغيير هذه الأوضاع المتردية التي يتحمل المدرس الكثير من تبعاتها يتطلب مجهودا وطنيا للارتقاء بالمدرسة ارتقاء فعليا وجذريا يقطع مع الاختيارات التي تريد تكييف المدرسة مع حاجات وأنماط خارجية لا مع حاجات المجتمع للتحرر والتقدم والوحدة.
                           فلنتجند للدفاع عن حقنا في الحياة ولنعمل على استعادة المدرس كرامته.
          لنجمع طاقاتنا ونجددها من أجل أن نقطع مع عادة التذمر و اللامبالاة والاستقالة ونستعد لاستعادة دورنا في بناء المجتمع بروح متفائلة 

المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق