الأحد، 18 ديسمبر 2011

حول مشروعية مطلب التخفيض في سن التقاعد لمدرسي التعليم الثانوي


حول مشروعية مطلب التخفيض في سن التقاعد لمدرسي التعليم الثانوي

ورقة عمل عدد =

                                                التعليم مهنة شاقة

1﴾ تقاعد المدرسين :
يأتي التعليم من ضمن نشاطات بشرية اقتصادية واجتماعية تتعامل معها آليات السوق وفق قاعدة تعمل على تحقيق أقصى الأرباح مقابل أدنى التكاليف.
وتخصيصا على مهنة التدريس نرى تطبيقا لما ذكر عندما تعمل الدولة على تطبيق الربحية القصوى في ميدان التعليم عند لجوئها إلى استغلال المدرسين استغلالا أقصى في فرض عنصرين على المدرس : الساعات الإضافية واكتظاظ الأقسام كبديل لمزبد انتداب قوة عمل جديدة كل ذلك ضمن تصور مملى من طرف الدوائر الاحتكارية الإمبريالية التي توصي بتفصي الدولة من القطاع العام وتنقيص الإنفاق عليه.

 (2 خصوصيات مهنة التدريس:
يبدو للوهلة الأولى ولكل من ليس على علاقة بمهنة التدريس أن المطالبة بتخفيض سن التقاعد هو ضرب من المبالغة إلا أن الحكم على أحقية المدرسين في طرح مثل هذا المطلب يتأتى من ممارستهم لمثل هذه المهنة ومما يكابدونه يوميا من مشاق وأتعاب جراء مباشرتهم لمثل هذه الوظيفة.
إن اعتبار التعليم مهنة شاقة وتزايد معاناة المدرس يأتي في إطار تشخيص الأسباب العامة والخاصة المرتبطة بمهنة التدريس.
(3  تدهور ظروف مهنة التدريس:
 أسباب عامة :
نذكر من بينها خاصة التحولات الاجتماعية التي انعكست على وضع العائلة وتفصيها من المسؤولية تجاه أبنائها التلاميذ أضف إلى ذلك عدم رهانها على التعليم ضمن سياق عام يتصف بأزمة قيم حادة يعيشها المجتمع ككل.
وضمن ذلك التحول الثقافي يتأثر المجتمع سلبا مما يولد عدة مظاهر سلبية من بينها تهميش المدرسة ودورها التربوي وكذلكانتشار ثقافة تمتدح العنف وترسخه لدى الناشئة من خلال الأشرطة والأغاني والألعاب الالكترونية من ضمن منتجات الثقافة الإمبريالية وبعض الإشكال الثقافية الرجعية.

 أسباب خاصة :
إنها أسباب ترتبط بالمؤسسة التعليمية حيث لم يتطور فضاء المدرسة بل بقي متكلسا
وبذلك يصبح القسم بؤرة تجمع عديد التناقضات يضطر المدرس لترتيبها ومحاولة حلها في حيز مكاني وزمني لا يساعد على ذلك.

نكاد نزعم أن المعاناة التي يعيشها المدرس يصعب فهمها وتقديرها من طرف كل من لم يكن في يوم ما في علاقة بالفصل أمام عدد من التلاميذ أي لم يمارس هذه المهنة من قبل ودون ذلك سوف يكون الحكم على مثل هذا المطلب سطحيا أو هو استكثار لحق مشروع يجب على المدرسين التمتع به على غرار عديد الوظائف في عديد القطاعات.

(4 انعكاس الساعات الإضافية على عمل المدرس :
  
ساعات العمل الفعلية :
يقوم مدرسو الاعداديات والمعاهد الثانوية بساعات تدريس تبلغ العشرين 20 ساعة بل تفوقها في اغلب الأحيان علما وان المدرس مطالب قانونيا ب 18 ساعة.
إن ساعات التدريس أي - 18 - ساعة عمل داخل الفصل وبحضور التلاميذ تقدر حسب مقاييس اليونسكو ب  :40 ساعة عمل فعلي كأدنى تقدير وذلك كما يلي :
 يرافق كل ساعة عمل داخل الفصل ما لا يقل عن ساعة وربع بين إعداد للعمل وتقييم له.
حيث إن جهد المدرس يشمل التدريس داخل الفصل بالإضافة إلى إعداد الدروس وإعداد الفروض وإصلاحها إلى جانب المشاركة في مجالس الأقسام ومجالس التوجيه.
نشير إلى أن ما أوردناه سالفا ينطبق على فصل أو قسم ضمن مقاييس اليونسكو والتي تحدد عدد التلاميذ به لا يفوق 25 تلميذا كحد أقصى.


(5 الساعات الإضافية أو الزائدة :
يقع إثقال كاهل المدرس في معظم الأحيان إن لم نقل دائما بساعات إضافية لا يختارها طواعية بل تفرض عليه ضمن جدول أوقاته الأسبوعي وذلك من ساعتين 2 إلى أربع 4 ساعات لكل مدرس.
إزاء ذلك تصبح القاعدة العامة للتدريس هي 20 ساعة تتركب من:
18 ساعة في القسم أي = 40 ساعة ونصف كعمل فعلي أسبوعيا
2 ساعات إضافية   أي    = 4 ساعات و نصف
وبذلك يصبح المجموع كالأتي :
18 أي ما يعادل 40 ساعة ونصف ) وهي الساعات العادية( مع
2   أي ما يعادل 4 ساعات ونصف وهي الساعات الإضافية
وبذلك يكون المجموع العام =  40 س ونصف + 4 س ونصف أي :

45 ساعة عمل فعليا.

ماذا يعني ذلك على ارض الواقع؟

(6 احتساب الساعات الزائدة وانعكاسها على سن التقاعد=
45ساعة بالمقارنة مع نظام 40 ساعة كما هو معمول به في الوظيفة العمومية أو مجلة الشغل: 40+5 = 45 ساعة أي ما يقابل التوقيت الكامل مع إضافة 12,25 من نسبة الجدول الأسبوعي يضاف إليه حوالي ثمن التوقيت وبذلك تصبح العملية ترقيما كما يلي:
40+5= 40+12,25: أي  جدول أوقات كامل وما يقارب ثمنه أو بعبارة أخرى :
حياة مهنية كاملة يضاف إليها الثمن أي ما يقارب أربع سنوات ونصف من العمل .
عند احتساب انعكاس عنصر الساعات الإضافية نحصل على ما يلي :

35 سنة + 4 سنوات ونصف = 39 سنة ونصف كعمل فعلي .

(7 انعكاس ظاهرة الاكتظاظ على ساعات العمل الفعلي للمدرس :

إضافة للعنصر الأول المتمثل في الساعات الزائدة وانعكاسها السلبي على الحياة المهنية للمدرس حيث تعتبر هذه الساعات تمطيطا في سنوات العمل بسبب الجهد الإضافي الذي ينجر عن ذلك يأتي الآن الحديث عن ظاهرة اكتظاظ الأقسام وانعكاس ذلك على سنوات الخدمة المسداة.

إذا انطلقنا من رقم قريب جدا من الواقع نرى أن معدل تلاميذ القسم يبلغ حوالي 35 تلميذا ومقارنة بعدد تلاميذ القسم العادي كما تحددهاليونسكو نخلص إلى أن كل قسم يضم 10 تلاميذ فوق العدد المعمول به.
10 تلاميذ ما فوق 25  أي :10 من 25 = 0, 4
إن هذا العدد يمثل إحصائيا زيادة بنسبة 2 من 5) أي 2/5 (
إذا ما ترجمنا ذلك إحصائيا بمدة الخدمة نحصل على الرقم التالي:
35 في 4, 0 = 14 سنة عمل إضافية.
وبذلك ننتهي إلى ما يلي :
 35 سنة مع 4 سنوات ونصف = 39 سنة ونصف كعمل فعلي بسبب الساعات الإضافية.
يضاف اليها 14 سنة بسبب الاكتظاظ.

نحصل على المجموع النهائي التالي :
           39 سنة ونصف مع 14 سنة  =  53 سنة ونصف

بمعنى آخر:   يعمل المدرس 18 سنة ونصف زيادة على مدة الخدمة 

 (8الانعكاسات السلبية لتمطيط سنوات الخدمة:
لو قبلنا هذه الأرقام كمنطلق فان المدرس يشتغل فعليا سنوات الخدمة المطلوبة   يضاف إليها ما يقارب نصف الحياة المهنية .
كل ذلك يمثل كلفة المجهود الإضافي وانعكاسه السلبي على المدرسين.

(9 المبررات القانونية لتخفيض سن التقاعد :

كل ما تقدم هو مقاربة أولية تهدف توضيح وتعليل مطلب القطاع وهو الخفيض في سن التقاعد وترجمتة إحصائيا وترقيمه.
ومع ذلك فان مداخل أخرى متاحة أمام القطاع والنقابة العامة للتعليم الثانوي لمزيد تبرير المطلب والدفاع عنه أثناء المفاوضات .

من بين المقاربات أو المداخل الإضافية إلى جانب ما سبق ذكره مجمل القوانين والتشريعات التي تقنن سن التقاعد في عديد القطاعات وخاصة في قطاعنا أي قطاع التعليم وعلى الخصوص التعليم الأساسي حيث يضبط الأمر عدد 1178 المؤرخ في 24سبتمبر 1985 قائمة المهن الشاقة ضمن ما يسمى  قائمة أصناف العملة والموظفين الذين يمارسون وظائف مرهقة  والتي من بينها  “معلم تطبيق , معلم ومنشط 
فهل إن التدريس في الاعداديات - ضمن التعليم الأساسي-وكذلك في المعاهد اقل إرهاقا وإنهاكا من التدريس بالمرحلة الأولى من التعليم الأساسي.أي منطق هذا!
كما يمكن أن نقول نفس الشيء بالنسبة لسن التقاعد المعمول به في عديد القطاعات الأخرى والتي من بينها مثلا قطاع النقل تخصيصا على سائقي الحافلات والقطارات.


 (10حوصلة :
هنالك عناصر ضمن المجهود الإضافي الذي يقدمه المدرس لا يمكن احتسابها ولا تعويضها ماديا وهي الطاقة البشرية الجسمانية والعصبية التي يستهلكها العمل الفائض وينجر عنها مشاق وأمراض متفشية لدى المدرسين بسبب الإرهاق مثل :أمراض القلب والشرايين وأمراض العظام والعمود الفقري والحنجرة والحساسية والأمراض الجلدية… والقائمة تطول.
وفي هذا الصدد ندعو النقابة العامة إلى الاستعانة بلجنة طبية لزيادة تدعيم هذا المطلب.

 (11خاتمة :
لعل ما يزيد من مشروعية مطلبنا في تخفيض سن التقاعد هو اقتناع القواعد والتفافها حول هذا المطلب واستعدادها للنضال الفعلي من اجله إضافة إلى أن زملائنا المدرسين في القطر الجزائري يخوضون من اجل هذا المطلب عديد النضالات منذ بداية السنة الدراسية الحالية بلغت اشهرا وهو التقاء موضوعي يفسر بان المدرسين في عديد الأقطار يكابدون نفس المشاق ويتقاسمون نفس الطموحات .فهل من المبالغة أن يطالب المدرسون  بأن تقتصر سنوات الخدمة فيما بين 20 و25 سنة .

أخيرا يجب التأكيد على ما أوردته النقابة العامة في البيان الإعلامي الأخير بتاريخ 16ديسمبر 2003 إعدادا للمجلس القطاعي من أن وزارة التربية تقر بان التعليم مهنة شاقةالشيء الذي يجب الاستفادة منه والتجند الفعلي لخوض نضالات قادرة على إنجاز مطلبنا هذا إلى جانب بقية مطالبنا المعنوية والمادية.

بعض المقترحات
:
- مطلبنا الأساسي هو تخفيض سن التقاعد إلى 55 عاما.

كما يمكن طرح مطالب تكمل ذلك منها
:
 -تمكين المدرس من عطلة بسنة بعد 10سنوات مباشرة يتمكن أثناءها من متابعة نشاط بيداغوجي يشفع ببحث علمي يقدمه المدرس اثر هذه السنة التي تكون خالصة الأجر وينجر عن ذلك ارتقاء أو تدرج على غرار ما هو معمول به مثلا في التعليم العالي أو قطاع البريد وغيره.

 -التخفيض التدريجي في ساعات العمل بعد 15 سنة
.
 -تطبيق المعايير العالمية فيما يتعلق بحصة الدرس التي أصبحت حاليا تحدد ب 45 دقيقة.


 ( جانفي  2004)
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق