السبت، 1 سبتمبر 2012

أي حلّ للتعليم في نظام العمل بـ 5 أيام؟

تونس ـ (الشروق)
نظام العمل 5 أيام في الاسبوع المنتظر الشروع في تنفيذه يوم 17 سبتمبر القادم بالنسبة للموظفين  يستوجب في رأي كثيرين اعتماد النظام نفسه بالنسبة للزمن المدرسي حتى يحصل التلاؤم بينهما.


تجري الاستعدادات صلب الوزارة الاولى هذه الأيام لوضع اللمسات القانونية والاجرائية الاخيرة لإرساء نظام العمل 5 أيام في الأسبوع عوضا عن 6 بالنسبة للوظيفة العمومية، والذي يستوجب اعتماد نظام الحصة الواحدة المسترسلة مع راحة قصيرة منتصف النهار وراحة أسبوعية يومي السبت والأحد. والجدير بالملاحظة ان هذا النظام لن يقع تطبيقه على كل الموظفين العموميين بل على جزء منهم فقط في حين سيُواصل موظفو بعض الأسلاك العمل بالنظام القديم ومنهم رجال التعليم والصحة والأمن والجيش و الديوانة.. إضافة إلى القطاع الخاص الذي له احكام خاصة تنظم توقيت العمل به. علما أن بعض المؤسسات العمومية والخاصة تعتمد هذا النظام منذ سنوات ويتمتع العاملون فيها براحة يومي السبت والاحد.

غير أن المشكل الذي سيطرح نفسه عند الشروع في تطبيق توقيت العمل الجديد هو عدم توافقه مع الزمن المدرسي خاصة بالنسبة لعطلة يوم السبت باعتبار أن التلاميذ سيواصلون الدراسة يوم السبت في حين سيكون الأولياء آنذاك في راحة. وهذا ما دفع بكثيرين إلى  المطالبة  أيضا بتغيير الزمن المدرسي حتى يكون متوافقا مع نظام العمل الجديد.

عدم تلاؤم

عندما طُرح موضوع التوقيت الجديد للعمل على طاولة النقاش فان اول ما تبادر إلى أذهان عدد من الموظفين هو مدى تلاؤمه مع توقيت دراسة الأبناء. فالتوقيت الرسمي للدراسة في المدارس وفي المعاهد الثانوية وفي الجامعات لم يطرأ عليه أي تغيير إلى حد الآن وبالتالي سيتواصل العمل بحصص الدراسة المسائية التي قد تتواصل إلى السادسة مساء في المعاهد الثانوية أو في الكليات مثلا  كما ستتواصل الدراسة أيام السبت. وبالتالي فانه لا يوجد ـ مبدئيا ـ أي تلاؤم بين توقيت العمل الجديد وتوقيت الدراسة.

تفكك أسري

أثبتت التجربة طيلة السنوات الماضية أن ضغوطات توقيت العمل والدراسة الذي لا يسمح بوجود وقت كاف للراحة هي من أهم أسباب ظاهرة التفكك الأسري وعدم الاستقرار العائلي والمشاكل بين الازواج ( التي تبلغ حد الطلاق ) و كذلك التنافر بين الآباء والأبناء. فعطلة بيوم وحيد ( الاحد ) تبدو في نظر كثيرين غير كافية تماما للراحة وللترفيه ولقضاء الشؤون العالقة . كما أن نظام العمل حصتين في اليوم لا يتيح الوقت الكافي للموظفين للعودة باكرا إلى المنزل في المساء.

لم شمل العائلة

نظام العمل حصة واحدة مسترسلة في اليوم طيلة 5 أيام في الاسبوع ليهدف، وفق الفلسفة العامة، إلى تمكين الموظفين من العودة باكرا إلى المنازل في المساء ومن راحة بيومين (السبت والاحد)  بعد إرهاق 5 أيام من العمل المسترسل ، وذلك حتى يجدوا الوقت الكافي  لقضاء بعض الشؤون الخاصة و للاعتناء بالعائلة و للبقاء أكثر وقت ممكن في المنزل مع الأبناء ومع الزوجة أو الزوج و للترفيه وللترويح عن النفس خارج المنزل خلال عطلة نهاية الاسبوع. وفي كلمة فان نظام العمل حصة واحدة طيلة 5 أيام في الاسبوع يساعد على لم شمل العائلة التي أصبحت تعاني في السنوات الاخيرة بشهادة الجميع من التصدع والتفكك ما اثر سلبا على المجتمع برمته.

حركية اقتصادية

تمكين العائلة برمتها (الآباء والأبناء) من راحة يومي السبت والأحد سيساهم حتما في خلق حركية جديدة بالبلاد تعود بالنفع على الاقتصاد ككل. فراحة بيومين ستشجع العائلات على الاستفادة  ـ على طريقة الدول المتقدمة - من عطلة نهاية أسبوع مطولة (week end prolongé) خارج المنزل تبدأ من الجمعة مساء وتنتهي الأحد ليلا. وهذا سيخلق حركية إضافية للسياحة الداخلية وسيطور من نسق الاستهلاك العائلي داخل النزل وأماكن الترفيه العائلي.

ما الفائدة؟

على ضوء ما تقدم ذكره، تساءل بعض الموظفين المعنيين بنظام العمل الجديد (خاصة الأزواج والذين في كفالتهم أبناء يدرسون) عن الفائدة التي ستتحقق من هذا التوقيت الجديد في ظل تواصل العمل بالتوقيت المدرسي الحالي. فعدم اشتغال الآباء يوم السبت لن يكون ذا فائدة في نظرهم ما دام الأبناء يدرسون في ذلك اليوم ولن يساعد على تحقيق الاهداف المنشودة من توقيت العمل الجديد والتي من اهمها لم شمل العائلة داخل المنزل او خارجه طيلة عطلة نهاية أسبوع مطولة.

تطوير الزمن المدرسي

التضارب الذي سيحصل عند اعتماد نظام العمل 5 أيام في الأسبوع  بين توقيت العمل وتوقيت الدراسة يستوجب في رأي الملاحظين ضرورة المرور بسرعة إلى مراجعة الزمن المدرسي المعتمد منذ سنوات حتى تحصل الفائدة المرجوة للعائلة وللتلميذ وللآباء.

وكانت وزارة التربية قد أطلقت سنة 2011 برنامجا لمراجعة الزمن المدرسي وشكلت لجانا لاعداد توصيات في الغرض . ومن بين  المقترحات المضمنة بتقرير لجنة مراجعة الزمن المدرسي اعتماد نظام 5 أيام دراسة أسبوعيا مع يوم راحة إضافة إلى يوم العطلة الأسبوعي وذلك باعتبار أن التوزيع اليومي والأسبوعي لجداول الأوقات سواء في الابتدائي او في الثانوي ثقيل وممطط.  وبالنسبة للنسق اليومي للدراسة فقد تم الإجماع على اعتماد الحصة المسترسلة على فترتين في اليوم والتقليص في الحصة إلى 45 دقيقة بدل 60 دقيقة.

محدودية قاعات االتدريس

يؤكد ملاحظون ومختصون في الشأن التربوي في تونس ان اعتماد اسبوع دراسة ب5 أيام في المدارس والمعاهد يُعد في الوقت الحالي هدفا صعب المنال في ظل محدودية البنية الاساسية التربوية . فاعتماد هذا النظام يستوجب توفير مزيد من قاعات التدريس بالمدارس الابتدائية وبالمعاهد حتى يمكن التحكم في توزيع ساعات الدراسة على 5 أيام فقط  عند اعداد جداول الاوقات دون التخفيض منها او المس بجوهر البرامج التعليمية.

لكن هذه الاستحالة لا تنطبق على كل المؤسسات التعليمية، حيث توجد مدارس ومعاهد تتوفر فيها قاعات تدريس كافية وزيادة لاعتماد اسبوع دراسة بـ5 أيام في حين لا يتوفر ذلك في غيرها من المؤسسات التربوية.  لكن رغم ذلك فان المختصين يرون أنه بالإمكان الشروع في اعتماد هذا النظام في مرحلة أولى بالمعاهد والمدارس التي تتوفر بها القاعات الكافية ثم تطوير المؤسسات الأخرى بالتوازي مع ذلك إلى حين بلوغ الهدف المنشود بكامل المؤسسات التربوية وهو ما سيجعل توقيت العمل الجديد متلائما مع التوقيت المدرسي وتحصل الفائدة المرجوة منه وابرزها لم شمل العائلة على امتداد يومين متتاليين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق