الاثنين، 3 سبتمبر 2012

5500 تلميذ تونسي في 10 مؤسّسات: مدارس كاثوليكيّة تدرّس التربية الإسلاميّة وعلم الإجتماع يخشى «التنصير» !!!


لم يعد مشهد الأخت المسيحية بلباسها الديني وسط تلاميذ تونسيين بالهجين أو الغريب عن بلادنا، فالعديد من أجدادنا وجداتنا تتلمذوا على ايدي الأخوات المسيحيات وتعلموا عنهن اللغة الفرنسية وجملة من المعارف المختلفة، في ظل الاستعمار الفرنسي.
واليوم مايزال عدد من التونسيين يسجلون أبناءهم في مدارس كاثوليكية خاصة ترجع بالنظر إلى أسقفية تونس التابعة للفاتيكان، ليتلقوا تعليمهم على أيدي مدرسين تونسيين هذه المرة. «الصباح الأسبوعي» حاولت التعرف أكثر على هذه المدارس وخصوصيتها ورصدت ايضا رأي علم الاجتماع في ما يمكن أن تنتجه تجربة الدراسة في مثل هذه المؤسسات لدى الطفل التونسي.
بابتسامة عريضة وعبارات فرنسية حارة، رحبت بنا السيدة نادية الجلولي شوفان مديرة قسم التعليم التابع لأسقفية تونس والتي تصف نفسها بأنها تونسية فرنكوفونية، والتي أفادت أنّ عدد المؤسسات الكاثوليكية الموجودة في تونس يصل إلى 7 مدارس ابتدائية ومدرسة إعدادية ومدرستين تحضيريتين ويبلغ عدد التلاميذ المرسمين بهذه الفضاءات نحو 5500 تلميذ تونسي وتوجد هذه المدارس في تونس الكبرى وسوسة وبنزرت وغيرها.
كما تشير مديرة قسم التعليم أيضا إلى أنّ الطلب على هذه المدارس في تزايد مطرد مما يدفع بالأسقفية إلى رفض عدد من المطالب لعدم القدرة على استيعاب أعداد أكبر.
برامج تونسية
وباعتبار أنّ هذه المؤسسات التعليمية الخاصة تعود بالنظر إلى أسقفية تونس فإنّ الأسقفية تتكفل بتعيين المسؤولين عنها الذين يكونون بصفة عامة من رجال الدين المسيحيين. وكان في السابق أغلب رجال الدين هؤلاء من أوروبا خاصة من فرنسا وإيطاليا، أما اليوم فهم في مجملهم من أمريكا الجنوبية وإفريقيا جنوب الصحراء إلى جانب أقباط من مصر يديرون مثلا المدرسة الكاثوليكية بسوسة ومدرسة الحلفاوين. وتشير السيدة نادية إلى أننا قد نجد أيضا في الهيئات المديرة لهذه المؤسسات من تصفهم  باللائكيين أي من غير رجال الدين، على حد تعبيرها.
أما بخصوص البرامج المقدمة في هذه المؤسسات فهي مطابقة للبرامج التعليمية الرسمية لوزارة التربية التونسية وتطبق هذه المؤسسات -كما تفيدنا السيدة شوفان- كل المعايير التي تفرضها الوزارة بما فيها تلك التي تتعلق بعدد التلاميذ في كل قسم. ومن المفارقات أنّ هذه المدارس التي توصف رسميا بالكاثوليكية (وليس في ذلك إشارة إلى نشر التعاليم المسيحية) تدرّس كامل البرامج التونسية بما في ذلك مادة التربية الإسلامية.
التعليم أخطر وسائل التأثير
ويعتبر البشير العربي أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس في تصريح لـ«الصباح الأسبوعي» أنّ التعليم يعد أخطر الوسائل لترسيخ ثقافة معينة منذ الصغر، ويصفه محدثنا بـ»أخطر سلاح» لذا يشير إلى أنّ الدول الكبرى تسعى دائما إلى اعتماد التعليم كأداة معاصرة لتمرير أفكارها وحماية مصالحها، وهو أسلوب من اساليب الاستقطاب القوية.
وعلى اعتبار أنّ العدد الأكبر من هذه المدارس هي مدارس ابتدائية فإنّ محدثنا يرى أنّ الجو العام الذي يؤثثه رجال دين مسيحيون سيكون له بالضرورة تأثير في التلامذة التونسيين، حتى وإن كانت البرامج تونسية. كما يؤكد العربي أنّ أغلب من درسوا في هذه المدارس يكونون عادة متفتحين على  الثقافات الغربية أكثر من ثقافتهم ويتقنون اللغات الأجنبية أكثر من لغتهم.
في مقابل ذلك يرى عدد من المختصين في علم الاجتماع في تونس أنّ هذه المدارس قد تكون فرصة لترسيخ تحاور الأديان والاختلاف والتعود على ربط علاقات مع «آخر» يختلف عنا دينيا وثقافيا، وهذا من شأنه أن يثري تجربة الطفل. إلا أنّ الخطر برأي هؤلاء هو أن تتحول العملية إلى غلبة الثقافة الأجنبية وتغييب الثقافة الأم أو أن يصل الأمر إلى حدّ «التنصير». وإذا ما استثنينا هذا الاحتمال يرى عدد من المختصين أنّ هذا التبادل الفكري يعد أمرا إيجابيا ويساهم في نشر التسامح وتلاقح الحضارات والأديان التي تلتقي جميعها في القيم ذاتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق